للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعطى زكاته فقيراً فتبين أنه غني

[السُّؤَالُ]

ـ[أخرجت زكاة مالي، وأعطيتها لرجل فقير، فتبين لي بعد ذلك أنه كان غنياً، فهل تجزئ عني تلك الزكاة؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

اختلف العلماء فيمن أعطى زكاته لغني، وهو يظنه فقيراً، فذهب الشافعية إلى أنها لا تجزئ. وانظر "المجموع" (٦/٢٢٥) .

وذهب الحنابلة إلى أنها تجزئ، وهو الصواب.

ويدل على ذلك: ما رواه البخاري (١٤٢١) ومسلم (١٠٢٢) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ..... وفيه، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ! عَلَى غَنِيٍّ! ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ، ولعل الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ) .

ولأن حقيقة الفقر قد تخفى، فاكتفى فيه بغلبة ظن دافع الزكاة، قال الله تعالى: (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ) البقرة / ٢٧٣.

قال البهوتي في "كشاف القناع" (٢/٢٩٦) : " فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ يَظُنُّهُ فَقِيرًا فَبَانَ غَنِيًّا أَجْزَأَتْ " انتهى.

وهل يأخذ الحكم نفسه كل من أعطى الزكاة لمن يظنه أهلاً لها، فتبين أنه ليس من أهلها، كمن أعطى الزكاة كافراً، وهو يظن أنه مسلم، أو أعطاها رجلاً فقيراً، ثم تبين أنه من آل البيت النبوي؟

ذهب الحنابلة إلى أنها لا تجزئ في هذه الأحوال؛ لأن هذا لا يخفى على الناس غالباً، بخلاف الفقر، فإنه قد يخفى. وانظر "المغني" (٢/٢٨١) .

واختار الشيخ ابن عثيمين أنه تجزئ في هذه الأحوال، فقال في "الشرح الممتع" (٦/٢٦٥) :

" إذا دفعها إلى من يظن أنه أهل بعد التحري، فبان أنه غير أهل فإنها تجزئه؛ لأنه اتقى الله ما استطاع، قال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا) البقرة /٢٨٦، والعبرة في العبادات بما في ظن المكلف بخلاف المعاملات فالعبرة بما في نفس الأمر " انتهى بتصرف.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>