للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صرف الزكاة

[السُّؤَالُ]

ـ[جمعية خيرية تقسط الزكاة على موظفيها وطلابها فإن الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم لديها مبالغ زكاة تم جمعها من المحسنين، وقد اعتادت الجمعية على صرف مبالغ الزكاة على مستحقيها من طلاب الحلقات بين الحين والآخر أو بمعدّل شهرين في السنة.

وحيث أن بعض موظفي الجمعية أحوالهم المادية صعبة ورواتبهم لا تكفي المتطلبات المعيشية لأسرهم وبعضهم عليه التزامات وديون فقد قامت الجمعية بين حين وآخر بصرف مبالغ لهم من الزكاة وإبلاغهم بأنها من الزكاة ونظراً لظروفهم المعيشية الصعبة فقد رأت الجمعية صرف مبلغ ثابت من الزكاة شهرياً للموظف المستحقّ يقدّر بين ١٥٠٠ و ٢٠٠٠ ريال، فهل يجوز صرف مبلغ من الزكاة شهرياً بشكل ثابت لمن يستحقه من منسوبي الجمعية؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا حرج أن تقوم الجمعية الخيرية بتوزيع الزكاة على مستحقيها، نيابة عن أصحابها وللقائمين عليها، الأجر والثواب إن شاء الله تعالى.

ثانيا:

يجوز دفع الزكاة إلى موظفي الجمعية وطلاب الحلقات إذا كانوا من أهل الزكاة، كما لو كانوا فقراء أو مساكين، ليس لديهم ما يكفيهم، أو كانوا مدينين لا يجدون وفاء لديونهم؛ لقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/٦٠.

ثالثا:

لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها، إلا لمصلحة راجحةٍ، مدةً يسيرة، لعدم وجود المستحق، أو لغيبة المال، أو لانتظار قريب ونحو ذلك.

قال ابن قدامة رحمه الله: " إن أخرها - أي: الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة، أو ذي حاجة شديدة، فإن كان شيئاً يسيراً، فلا بأس، وإن كان كثيراً لم يجز " انتهى من "المغني " (٢/٢٩٠) .

وسئلت اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من الأغنياء ثم تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع وإعانة لرمضان وهكذا، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها من ذمتهم وحملونا إياها؟

فأجابت: " يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم تأجيلها إذا وجد المستحق " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (٩/٤٠٢) .

وعليه فإخراج الزكاة في صورة رواتب شهرية، فيه تأخير لها عن وقت وجوبها، فلا يجوز ذلك.

فإن دعت الحاجة إلى تقسيط الزكاة على الفقراء على دفعات، فلا حرج في ذلك، ولكن بشرط أن تكون الزكاة معجّلة، أي أخرجها أصحابها قبل نهاية الحول، فلا حرج من تقسيطها بشرط أن لا يتأخر إخراجها عن الحول.

وهذا يحتاج من الجمعية أن تنقع أصحاب الأموال بتعجيل زكاتهم حتى يتسنى للجمعية أن توزيعها شهرياً، بما يتوافق مع مصلحة الفقراء والمحتاجين.

وصفة التعجيل أن يكون حول زكاته في أول صفرٍ مثلا، فإذا أخرج زكاته في وقتها، أخرج زكاة السنة القادمة معها، فيكون قد عجل زكاته لمدة سنة، فلو فرض أن زكاة السنة القادمة تبلغ ألفا، فله أن يخرج الألف معجلة الآن، وله أن يخرجها مقسطة على السنة حسب ما يرى، فإذا جاء الحول، كان قد أخرج زكاته ولم يؤخر منها شيئا.

قال ابن قدامة رحمه الله: " قَالَ أَحْمَدُ: لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى من "المغني" (٢/٢٩٠)

وسئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة، في شكل رواتب للأسر الفقيرة، في كل شهر؟

فأجابت: " لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطائها الفقراء المستحقين شهريّاً." انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة (٩/٤٢٢)

وانظر السؤال رقم (٥٢٨٥٢)

والحاصل أنه لا يجوز للجمعية أن تخرج ما وُكلت في توزيعه من الزكاة على هيئة أقساط أو رواتب شهرية، إلا إذا علمت أن المزكي قد عجّل زكاته، ولها أن تُرغِّب أصحاب الأموال في ذلك؛ ليتسنى لها إعالة الفقراء شهريا أو كل ثلاثة أشهر، ونحو ذلك.

رابعاً:

إذا كان الشخص يأخذ من الزكاة لحاجته كالفقراء والمساكين والمدينين فإنه يجب عند إعطائه للزكاة التأكد من حاله، هل هو مستحق أم لا؟ فقد يكون فقيراً الآن ثم يغنيه الله تعالى من فضله، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة، فيجب التحري والتنبّه لذلك حتى تصرف الزكاة في مصارفها الشرعية.

هذا ونسأل الله أن يجزي القائمين على الجمعيات الخيرية خير الجزاء، وأن يعينهم ويسددهم، ويوفقهم لكل خير.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>