للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التصدق بالثياب القديمة

[السُّؤَالُ]

ـ[هل التصدق بالثياب القديمة يدخل في قوله تعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) ؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

التصدق بالثياب القديمة، التي تلبس عادةً، وليست بالية مقطعة، لا يعد من التصدق بخبيث المال، بل الغالب أنها تكون من وسط المال.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث من جاءه ثوب جديد أن يتصدق بالقديم.

فقد روى الترمذي (٣٥٦٠) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: لَبِسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَوْبًا جَدِيدًا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِي كَنَفِ اللَّهِ، وَفِي حِفْظِ اللَّهِ، وَفِي سَتْرِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا) حسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (١/١٢٦) ، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي.

وإنما يكون التصدق بالثوب القديم مكروهاً، إذا كان بالياً مقطعاً، لا يلبسه صاحبه في العادة، وحينئذ يدخل في قوله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) البقرة/٢٦٧.

ومع هذه الكراهة، يكون لصاحبه من الثواب على قدر عمله وصدقته، وإن كان الأفضل أن يختار أفضل المال ويتصدق به.

قال النووي رحمه الله:

" يكره تعمد الصدقة بالرديء، قال الله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) ، ويستحب تعمد أجود ماله وأحبه إليه، قال الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) " انتهى.

"المجموع" (٦/٢٤١) .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٦/٣٣٦) :

" يستحب في الصدقة أن يكون المتصدَّق به - أي: المال المعطَى - مِن أجود مال المتصدق وأحبه إليه , قال الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) آل عمران/٩٢.

قال القرطبي: والمعنى: لن تكونوا أبرارا حتى تنفقوا مما تحبون , أي: نفائس الأموال وكرائمها , وكان السلف - رضي الله عنهم - إذا أحبوا شيئا جعلوه لله تعالى.

كان عمر بن عبد العزيز يشتري أعدالا من سكر ويتصدق بها , فقيل له: هلا تصدقت بقيمتها؟ قال: لأن السكر أحب إلي فأردت أن أنفق مما أحب. والمراد بالآية حصول كثرة الثواب بالتصدق مما يحبه " انتهى باختصار.

وإذا كان المتصدق ليس عنده ما يتصدق به إلا ذلك الثوب القديم فلا كراهة في حقه، حتى ولو كان الثوب بالياً.

قال الخطيب الشربيني رحمه الله:

" وتكره الصدقة بالرديء لقوله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) ، فإن لم يجد غيره فلا كراهة " انتهى.

"مغني المحتاج" (٤/١٩٧) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>