للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يريد التصدق وعليه ديون

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يستطيع شخص التصدق لو كان عليه ديون؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

حقوق العباد من أخطر ما يتحمله المسلم في دنياه وآخرته، فلا يجوز أن يتساهل في أدائها، ولا تقديم المستحبات - كالصدقة - عليها، فإن فعل فقد فرط في حقوق الناس، ولم يراع حرمتها، ولم يحفظ معروف من أحسن إليه بها.

ولاشك أن أداء الدين مقدم على صدقة التطوع، بل نص بعض الفقهاء على حرمة تصدق من عليه دين، وبوب البخاري في هذا الموضوع بابا قال فيه:

" باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، ومن تصدق وهو محتاج، أو أهله محتاج، أو عليه دين، فالدين أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة، وهو رَدٌّ عليه، ليس له أن يتلف أموال الناس " انتهى.

"فتح الباري" (٣/٢٩٤) .

وقال الشربيني رحمه الله – شارحا متن المنهاج للنووي -:

"ومَن عليه دَيْن يستحب له أن لا يتصدق حتى يؤدي ما عليه.

[قلت – أي النووي -: الأصح تحريم صدقته بما يحتاج إليه لدين لا يرجو له وفاء لو تصدق به. والله أعلم] .

أما تقديم الدين فلأن أداءه واجب، فيتقدم على المسنون، فإن رجا له وفاء من جهة أخرى ظاهرة فلا بأس بالتصدق به إلا إن حصل بذلك تأخير.

وقد وجب وفاء الدَّيْن على الفور بمطالبة أو غيرها، فيجب المبادرة إلى إيفائه، وتحريم الصدقة بما يتوجه إليه دفعه في دَيْنه" انتهى باختصار وتصرف.

"مغني المحتاج" (٤/١٩٧) .

وجاء في "كشاف القناع" (٢/٢٩٨) من كتب الحنابلة: "ووفاء الدَّيْن مقدم على الصدقة، لوجوبه " انتهى.

وقال الدكتور وهبة الزحيلي في "الفقه الإسلامي وأدلته" (٣/٣٩٤) : "يستحب ألا يتصدق من عليه دَيْن، حتى يؤدي ما عليه، والأصح عند الشافعية تحريم الصدقة من مدين لا يجد لدينه وفاء؛ لأنه حق واجب، فلم يجز تركه بصدقة التطوع، فيقدم الدَّيْن لأن أداءه واجب، فيتقدم على المسنون، فإن رجا له وفاء من جهة أخرى ظاهرة، فلا بأس بالتصدق به، إلا إن حصل بذلك تأخير، وكان الواجب وفاء الدين على الفور بمطالبة أو غيرها " انتهى باختصار.

وعلى هذا، فينبغي لمن عليه دين أن يبادر بسداده لصاحبه، ويقدم ذلك على صدقة التطوع.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>