للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تخرج صدقة جارية على والدها من مصروف البيت؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز أن أخرج صدقة جارية على روح والدي الله يرحمه أم لا؟ لأني لا أعمل. وإذا كان يجوز هل عليّ أن أستأذن زوجي المغترب في ذلك أم أخرج من مصروفي الذي يبعثه لي؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

يجوز أن تتصدقي عن والدك صدقة مقطوعة، أو صدقة جارية وهي الوقف، بأن تجعلي المال في بناء مسجد أو مبرد مياه أو في طباعة مصاحف أو كتب علم ونحو ذلك من الأمور التي تبقى، فيلحقه الأجر ما بقيت، وذلك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا مَاتَ

الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم (١٦٣١) .

وإذا كان زوجك يعطيك مصروفا خاصا بك، بحيث يصير ملكا لك، تتصرفين فيه كما تحبين، فلك أن تتصدقي من هذا المال، لأنه مالك شرعا.

وإذا كان المصروف إنما هو للإعاشة والنفقة، وما يفيض منه يبقى على ملك الزوج، فحينئذ إن أذن لك في الصدقة أو في أخذ المال إذنا صريحا، أو علمت من خلقه وحاله رضاه بالصدقة من هذا المصروف، فلا حرج عليك، ولك وله الأجر إن شاء الله.

وقد روى البخاري (١٤٢٥) ومسلم (١٠٢٤) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) .

وأما إذا لم يأذن لك، أو علمت من حاله أنه لا يرضى بهذا التصرف، فلا يجوز لك أن تتصدقي من ماله إلا بإذنه؛ لما روى أبو داود (٣٥٦٥) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الطَّعَامَ؟ قَالَ: ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا) صححه الألباني في صحيح أبي داود.

فالحديث الأول محمول على التصدق بالأمر اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، أو مع العلم بأن الزوج لا يمنع منه. والحديث الثاني محمول على التصدق بالأمر الكثير، أو مع العلم بكراهة الزوج لذلك ومنعه.

وإذا حصل الشك وعدم الجزم بموقف الزوج من التبرع، لزم استئذانه، لأن الأصل عدم التصرف في مال الغير إلا بإذنه.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٠/٨١) : "الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيرا قد جرت العادة به، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها والأجر بينهما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا) متفق عليه " انتهى.

وينظر جواب السؤال رقم (٤٧٧٠٥) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>