للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على كل واحد من الشريكين أن يزكي نصيبه من أرباح المضاربة

[السُّؤَالُ]

ـ[أعطاني سبعة آلاف ريال من أربع سنين أشري وأبيع في الحلال وكل سنة نتقاسم الأرباح، والآن وصلت ستة عشر ألف ريال، ولا أخرجنا زكاة كل الأربع سنين التي مرت. أرجو أن تكون الصورة واضحة. أفتونا مأجورين.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الزكاة ركن من أركان الإسلام، ومن أعظم واجبات الدين وفرائضه، والواجب على المسلم أن يسارع إلى أدائها متى وجبت عليه، ولا يجوز التهاون في أدائها.

ولا تسقط الزكاة بالتقادم، فلو مرت عليه سنون ولم يخرج الزكاة، كانت ديناً عليه، ويجب عليه إخراجها.

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (٥/٣٠٢) :

"إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها" انتهى.

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٣/٢٩٨) :

"إذا أتى على المكلف بالزكاة سنون لم يؤد زكاته فيها، وقد تمت شروط الوجوب، لم يسقط عنه منها شيء اتفاقا، ووجب عليه أن يؤدي الزكاة عن كل السنين التي مضت ولم يخرج زكاته فيها" انتهى.

ثانياً:

تجب الزكاة في عروض التجارة عند جماهير العلماء، وقد سبق بيان أدلة ذلك في جواب السؤال رقم (١٣٠٤٨٧) .

وطريقة حساب زكاة عروض التجارة: أن تقوم البضاعة آخر الحول ثم يخرج زكاتها ربع العشر أي ٢.٥ بالمائة.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٤/٢٤٩) :

"مِنْ مَلَكَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ , فَحَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ , وَهُوَ نِصَابٌ , قَوَّمَهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ , فَمَا بَلَغَ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ , وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ" انتهى.

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"الطريقة الشرعية أنه يقوّم ما لديه من عروض التجارة عند تمام الحول بالقيمة التي تساويها عند الوجوب، بصرف النظر عن ثمن الشراء" انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٩/٣١٩) .

ويضم الربح إلى الأصل ويزكى الجميع.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٢/٨٦) :

"يُضَمُّ الرِّبْحُ الْحَاصِل مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل إِلَى الأَْصْل، وَذَلِكَ لأَِجْل حِسَابِ الزَّكَاةِ. فَلَوِ اشْتَرَى مَثَلاً عَرْضًا فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ قَبْل آخِرِ الْحَوْل وَلَوْ بِلَحْظَةٍ ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ زَكَّى الْجَمِيعَ آخِرَ الْحَوْل" انتهى.

هذا بالنسبة لصاحب المال: يزكي أصل المال (رأس ماله) مع نصيبه من الربح كل سنة.

أما بالنسبة للمضارب (العامل) ففي وجوب الزكاة عليه في نصيبه من الربح إذا لم يتم اقتسامه - كما في الصورة المسؤول عنها - خلاف بين العلماء، والذي اختاره جماعة من علمائنا المعاصرين: وجوب الزكاة عليه في نصيبه من الربح.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"حصة المضارب فيها خلاف هل تجب الزكاة فيها أو لا؟ والصحيح أنه إذا تم الحول وهي لم تقسم أن فيها الزكاة؛ لأنها ربح مال تجب زكاته فيجب عليه أن يزكيه، ولأن هذا هو الظاهر من عمل الناس من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى اليوم: أنه إذا وجبت الزكاة في المال أخرجت منه ومن ربحه" انتهى.

" شرح الكافي" (٣/١٢١) .

وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله:

هل تجب الزكاة في حصة المضارب قبل القسمة إذا بلغ نصاباً؟

فأجاب:

"المضاربة كونك تعطي إنساناً مالك يتجر به، فإذا أعطيته مثلاً عشرين ألفاً واشترى بها بضائع على أن له نصف الربح، ويرد عليك رأس مالك، فبعد سنة أصبحت العشرون ثلاثين بأرباحها، حصة العامل خمسة آلاف، وحصة صاحب المال خمسة آلاف، ورأس المال عشرون.

فما الذي يزكى؟ يُزكى الجميع؛ الثلاثون ألفاً، وتكون الزكاة عن الجميع؛ عن الربح، وعن رأس المال. هذه صورة المضاربة وصورة الزكاة فيها" انتهى.

"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (٥٠/٨) .

وسئل الشيخ صالح الفوزان رحمه الله:

لي مبلغ من المال وقد تركته عند صديق لي ليتاجر فيه، من يدفع الزكاة هو أم أنا وهل أزكي عن رأس المال فقط أم حتى عن الربح؟

فأجاب:

"أنت تزكي نصيبك من الربح، إذا بلغ نصابًا، وأما صاحب رأس المال فإنه يزكيه ويزكي نصيبه من الربح ولو كان قليلاً لأنه يتبع رأس المال" انتهى.

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (٨٧/١-٢) .

وعلى هذا، فعليك أن تحسب الأرباح المضافة إلى رأس المال كل سنة، ثم يقوم صاحب رأس المال بإخراج زكاة رأس المال ونصيبه من الربح، وتخرج أنت زكاة نصيبك من الربح عن السنوات الماضية.

تنبيه: حول عروض التجارة لا يبدأ حسابه من أول شراء العروض للتجارة، وإنما ينبني هذا الحول على حول النقود التي اشتريت بها عروض التجارة.

ولبيان ذلك: انظر جواب السؤال رقم (٣٢٧١٥) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>