للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى الأعشاب من غير نفقة في علفها

[السُّؤَالُ]

ـ[هل الأغنام التي لا ترعى بل يصرف عليها أعلاف ومصاريف شهرية هل عليها زكاة أم أن الزكاة على الأغنام التي ترعى الأعشاب والنباتات البرية دون وجود مصاريف أعلاف؟ آمل التوضيح.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) إلا إذا كانت سائمة (أي ترعى النباتات البرية، ولا يعلفها صاحبها) ، فإن كانت تُعلف فلا زكاة فيها.

واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

١- ما رواه البخاري (١٤٥٤) عن أَنَس أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ. . . وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ. . . الحديث.

فقيد الغنم بالسوم فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة.

٢- ما رواه النسائي (٢٤٤٤) عن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه عَنْ جَدِّه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ. . . الحديث) . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (٧٩١) .

فقيد الإبل بالسائمة فدل على أنه لا زكاة في غيرها.

وحكم البقر حكم الإبل والغنم.

انظر الشرح الممتع (٥/٣٣) .

قال النووي في "المجموع"

"وَهَذَا الْمَفْهُومُ الَّذِي فِي التَّقْيِيدِ بِالسَّائِمَةِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا , وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَرْعَى وَلَيْسَتْ مَعْلُوفَةً , وَالسَّوْمُ الرَّعْيُ" اهـ.

قال ابن قدامة في "المغني":

وَفِي ذِكْرِ السَّائِمَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ، فَإِنَّهُ لا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ اهـ.

وذهب مالك إلى وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام مطلقا سائمة وغير سائمة، واستدل على ذلك بأنه ورد في بعض الأحاديث لفظ الإبل مطلقاً ولم يقيد بالسائمة، كما في كتاب أبي بكر لأنس رضي الله عنهما: (فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا في كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ) .

وأجاب الجمهور عن هذا الاستدلال بأن هذا الحديث مطلق، والأحاديث الأخرى مقيدة بالسوم، والقاعدة في هذا أن يحمل المطلق على المقيد.

وأيدوا هذا بقولهم:

وصف النماء والتكاثر والزيادة معتبر في زكاة بهيمة الأنعام، والنماء ظاهر في السائمة فإنها لا كلفة في تربيتها، أما المعلوفة فلها كلفة في تربيتها وقد يستغرق علفها نماءها، فكان من حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أن أسقط الزكاة فيها إلا أن تكون معدة للتجارة كمشروعات التسمين التي تشترى فيها الماشية ثم تُعلف وتباع ففيها زكاة التجارة.

انظر المغني (٤/١٢) ، الموسوعة الفقهية (٢٣/٢٥٠) .

ولمعرفة كيفية حساب زكاة التجارة راجع السؤال رقم (١٠٨٢٣)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٣٢/٣٢) :

وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: (فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ) مَوْضِعُ خِلافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لأَنَّ السَّائِمَةَ هِيَ الَّتِي تَرْعَى. فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الإِبِلَ الْعَوَامِلَ وَالْبَقَرَ الْعَوَامِلَ وَالْكِبَاشَ الْمَعْلُوفَةَ فِيهَا الزَّكَاةُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ غَيْرَهُمَا. وَأَمَّا الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ الثَّوْرِيُّ والأوزاعي وَغَيْرُهُمْ: فَلا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَهُمْ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. وَكَتَبَ بِهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) فَقَيَّدَهُ بِالسَّائِمَةِ، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ اهـ..

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (٩/٢٠٥) :

"من شرط وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم أن تكون سائمة وهي الراعية" اهـ.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>