للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرى رأي ابن حزم في المباشرة فهل يجوز لزوجته مداعبته وهو صائم؟

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا كان الزوج يأخذ برأي الظاهرية وابن حزم والألباني في كون نزول المني من دون جماع لا يفطّر فهل يجوز للزوجة مداعبة زوجها في نهار رمضان حتى لو ترتب على ذلك نزول المذي أو المني منه؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

يختلف حكم نزول المذي عن نزول المني، والراجح من أقوال أهل العلم أن نزول المذي لا يبطل الصوم، لا من الرجل ولا من المرأة، وقد سبق ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة في جواب السؤال رقم: (٤٩٧٥٢) .

ثانياً:

ينبغي أن يعلم أنه لا يحل لأحد أن يأخذ بقول فلان أو فلان من العلماء لمجرد التشهي، أو لأن هذا القول يوافق هواه، والواجب عند اختلاف العلماء هو ما أمر الله تعالى به في قوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء/٥٩.

فلا يحل لأحد أن يقول: أنا آخذ بقول فلان من العلماء، ويصادم بذلك حديثا ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ولذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله: أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد اهـ. مدارج السالكين (٢/٣٣٥) .

فإذا ثبت الحكم بالدليل الصحيح فلا قول لأحد كائنا من كان.

والقول بأن الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال من مفسدات الصيام هو قول جماهير العلماء (منهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد) واستدلوا بأنه قضاء للشهوة، والصائم ممنوع من ذلك، لقول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي) رواه البخاري (١٨٩٤) .

وقد سبق بيان ذلك تفصيلا في جواب السؤال (٧١٢١٣) ، (٦٥٦٩٨) .

ونحن لا ننكر وجود خلافٍ في المسألة، وقد رأى ابن حزم ورجحه الشيخ الألباني رحمهما الله أن إنزال المني بمباشرة الزوجة لا يفطر، فإن كان أحدٌ يرى هذا القول عن علم، ويتبنَّاه تديناً لا اتباعاً لهواه: فإنه لا حرج عليه في ذلك، لأن الإنسان لا يكلف إلا بما بلغه علمه، ولكن بشرط أن يكون إنما يرى ذلك على حسب ما ظهر له من الأدلة وأقوال العلماء، وليس لمجرد الترخص والأخذ بالأسهل.

فلا يجوز لمسلم أن يتتبع زلات العلماء وأخطاءهم، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله، ولهذا قال العلماء: " من تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق، أو كاد " انتهى "إغاثة اللهفان" (١/٢٢٨) .

والزندقة هي النفاق.

وانظر إجابة السؤال رقم (٢٢٦٥٢) .

فالذي ينصح به السائل أن يكتفي بما اتفق العلماء على جوازه وهو المباشرة باللمس، والتقبيل دون الإنزال، احتياطاً للصيام، وإبراءً للذمة، وخشيةً من الوقوع فيما هو محرم ومفسد للصيام بالإجماع وهو الجماع.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>