للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

احتال على الجماع في نهار رمضان بالفطر قبله

[السُّؤَالُ]

ـ[سافرت لبلدي في إجازة لمدة أسبوع وقبل السفر بيوم اتصلت على زوجتي وطلبت منها أن لا تصوم يوم وصولي لأنني أريد أن أجامعها حال وصولي للبيت لأنني قليل الصبر، أطاعتني ولم تصم وحصل بيننا جماع في النهار، كلانا لم يصم فهل اقترفنا ذنباً؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إن كان ما حصل بينكما في شهر غير رمضان، فلا حرج فيه، لأن صيام النفل لا يلزم إتمامه، حتى وإن شرع المسلم فيه، فإن له أن يخرج منه على الصحيح.

أما إن كان ما حصل في شهر رمضان، فهو إثم عظيم، إذ كيف يتهاون الإنسان في ترك صيام يوم بدون عذر ولا سبب معتبر شرعا، بل يتحيل على محارم الله بهذه الطريقة.

وبناء على هذا، فإن كان ما حصل في شهر رمضان، فعلى تفصيل:

أولا: إن وصلت قبل أذان الفجر، فإنه يلزمك صيام ذلك اليوم، ما دام سفرك قد انقطع برجوعك إلى بلدك، فإن تعمدت الإفطار، وأفطرت زوجتك معك، لأجل أن تجامعها، فإنكما تأثمان، ويلزمكما القضاء، والكفارة المغلظة في حال الجماع، على كل واحد منكما.

ثانيا: إن وصلت في أثناء اليوم، فالصحيح أن المسافر إذا قدم مفطرا، لم يلزمه إمساك ذلك اليوم، لأنه لا يجمع عليه وجوب الإمساك ووجوب القضاء، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وهو مذهب الشافعية [انظر شرح المشيقح على زاد المستقنع ٤ / ٢٨٢ - ٢٨٥] ، لكن تأثم أنت بأمرها بالإفطار، وتأثم هي أيضا بطاعتها لك، وإن لم تصم لأجل أن تجامعها، فعليها القضاء، وعليها هي وحدها الكفارة المغلظة بسبب ما حصل من جماع، وقد سبق بيانها في الأسئلة رقم (٣٨٠٢٣، ٢٢٩٣٨، ١٦٧٢)

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل أراد أن يواقع زوجته في شهر رمضان بالنهار، فأفطر بالأكل قبل أن يجامع، ثم جامع، فهل عليه كفارة أم لا؟ وما على الذي يفطر من غير عذر؟

فأجاب: الحمد لله. هذه المسألة فيها قولان للعلماء مشهوران: أحدهما: تجب، وهو قول جمهورهم: كمالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم. والثاني: لا تجب، وهو مذهب الشافعي.... ثم تنازعوا هل يشترط الفطر من الصوم الصحيح (أي لوجوب الكفارة المغلظة) ؟ فالشافعي وغيره يشترط ذلك، فلو أكل ثم جامع، أو أصبح غير ناو للصوم ثم جامع، أو جامع وكفر ثم جامع: لم يكن عليه كفارة (أي عند الشافعي) ; لأنه لم يطأ في صوم صحيح. وأحمد في ظاهر مذهبه وغيره يقول: بل عليه كفارة في هذه الصور، ونحوها، لأنه وجب عليه الإمساك في شهر رمضان، فهو صوم فاسد، فأشبه الإحرام الفاسد. وكما أن المحرم بالحج إذا أفسد إحرامه لزمه المضي فيه بالإمساك عن محظوراته، فإذا أتى منها شيئا كان عليه ما عليه في الإحرام الصحيح، وكذلك من وجب عليه صوم شهر رمضان إذا وجب عليه الإمساك فيه وصومه فاسد، لأكل أو جماع، أو عدم نية، فقد لزمه الإمساك عن محظورات الصيام. فإذا تناول شيئا منها كان عليه ما عليه في الصوم الصحيح. وفي كلا الموضعين عليه القضاء.

وذلك لأن هتك حرمة الشهر حاصلة في الموضعين، بل هي في هذا الموضع أشد، لأنه عاص بفطره أولا، فصار عاصيا مرتين، فكانت الكفارة عليه أوكد، ولأنه لو لم تجب الكفارة على مثل هذا لصار ذريعة إلى أن لا يُكفِّر أحد، فإنه لا يشاء أحد أن يجامع في رمضان إلا أمكنه أن يأكل، ثم يجامع بل ذلك أعون له على مقصوده، فيكون قبل الغداء عليه كفارة، وإذا تغدى هو وامرأته ثم جامعها فلا كفارة عليه، وهذا شنيع في الشريعة لا ترد بمثله.

والله أعلم. [الفتاوى الكبرى ٢ / ٤٧١،ومجموع الفتاوى٢٥/٢٦٠ وانظر المجموع ٦ / ٣٢١] .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>