للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مس الجنُّ للإنس والأحكام المترتبة على المس

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يمكن أن يمس الجن الناس؟ إذا كان ذلك ممكنا، فكيف يمكن أن يتحمل الإنسان المسؤولية عن أعماله عند التلبس يوم القيامة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نعم، يمكن للجن أن يصيب الإنس بمس، وقد ذكره الله تعالى في كتابه , في قوله: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) البقرة/٢٧٥.

وانظر جواب الأسئلة (١١٤٤٧) و (٤٢٠٧٣) و (٣٩٢١٤) و (١٨١٩) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة، قال الله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) البقرة /٢٧٥، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) " انتهى.

" مجموع الفتاوى " (٢٤ / ٢٧٦، ٢٧٧) .

ثانياً:

المس نوع من المرض , فإذا كان الإنسان مع وجود هذا المرض عاقلاً وله اختيار فهو مؤاخذ بأقواله وأفعاله , أما إذا غلب عليه هذا المرض بحيث أفقده عقله واختياره فهو كالمجنون لا تكليف عليه. ولهذا يطلق في اللغة "المس" على "الجنون" انظر: "لسان العرب" (٦/٢١٧) .

غير أنه إذا اعتدى على أحد وقت جنونه , وأتلف ماله – مثلاً - فإنه يضمن هذا المال لصاحبه.

وانظر: "زاد العاد" (٤/٦٦-٧١) .

جاء في " الموسوعة الفقهية " (١٦ / ١٠٦) :

" أجمع الفقهاء على أن الجنون كالإغماء والنوم , بل هو أشد منهما في فوات الاختيار وتبطل عبارات المغمى عليه , والنائم في التصرفات القولية , كالطلاق , والإسلام , والردة , والبيع , والشراء وغيرها من التصرفات القولية , فبطلانها بالجنون أولى ; لأن المجنون عديم العقل والتمييز والأهلية , واستدلوا لذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: (رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعَن الصبِيِّ حَتى يَحتلمَ، وعَن المجنونِ حتى يَعْقل) - رواه أهل السنن بإسناد صحيح -، ومثل ذلك كل تصرف قولي لما فيه من الضرر " انتهى.

وفي (١٦ / ١٠٧) :

" وأما بالنسبة لحقوق العباد كالضمان ونحوه: فلا يسقط ; لأنه ليس تكليفا له , بل هو تكليف للولي بأداء الحق المالي المستحق في مال المجنون , فإذا وقعت منه جرائم , أخذ بها ماليا لا بدنيا , وإذا أتلف مال إنسان وهو مجنون وجب عليه الضمان , وإذا قتل فلا قصاص وتجب دية القتيل " انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>