للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز أن أعتمر للأحياء القادرين؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز أن أعتمر للأحياء القادرين؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا يجوز أن تحج أو تعتمر عن أحد وهو قادر على الحج والاعتمار بنفسه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" تَوَسُّعُ الناسِ في الاستنابة في الحج أمرٌ يؤسف له في الواقع، وقد يكون غير صحيح شرعاً، وذلك لأن الاستنابة في النفل في جوازها روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله، رواية: أن الإنسان لا يجوز أن ينيب عنه أحداً في النفل ليحج عنه أو يعتمر عنه، سواء كان مريضاً، أو صحيحاً، وما أجدر هذه الرواية بالصحة والقوة، لأن العبادات يطلب من المكلف أن يقوم بها بنفسه، حتى يحصل له من العبادة والتذلل لله ما يحصل، وأنت ترى الفرق بين إنسان يحج بنفسه، وإنسان يعطي دراهم ليحج عنه. الثاني ليس له فضل من العبادة في إصلاح قلبه وتذلله لله عز وجل، وكأنه عقد صفقة بيع، وَكَّلَ فيها مَنْ يشترى له أو يبيع له، وإذا كان مريضاً وأراد أن يستنيب في النفل، فيقال: هذا لم تأت به السنة، وإنما جاءت السنة في الاستنابة في الفرض فقط، والفرق بين الفرض والنفل أن الفرض أمر لازم على الإنسان، فإذا لم يستطعه وَكَّلَ مَنْ يحج عنه ويعتمر، لكن النفل ليس بواجب، فيقال: ما دمت مريضاً وأديت الفريضة فاحمد الله على ذلك، وابذل المال الذي تريد أن تعطيه من يحج عنك أو يعتمر في مصارف أخرى، أَعِنْ إنساناً فقيراً لم يحج الفرض بهذا المال، فهو خير لك من أن تقول: خذ هذا حج عني، ولو كنت مريضاً، أما الفرض فالناس والحمد لله لم يتهاونوا فيه، لا تكاد تجد أحداً يوكل عنه من يحج فريضة إلا وهو غير قادر، وهذا جاءت به السنة، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: (نعم) .

والخلاصة: أن الاستنابة في النفل فيها روايتان عن الإمام أحمد: إحداهما: أنها لا تصح الاستنابة، والرواية الثانية: أنها تصح الاستنابة من القادر وغير القادر، والأقرب للصواب بلا شك عندي أن الاستنابة في النفل لا تصح لا للعاجز ولا للقادر. وأما الفريضة للعاجز الذي لا يرجو زوال عجزه فقد جاءت بها السنة " انتهى.

"فتاوى ابن عثيمين" (٢١/١٤٠) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١١/٦٨) :

" يجب على المسلم المكلف المستطيع أداء الحج على الفور ولا يجوز في هذه الحالة أن ينيب عنه من يحج، ولا يكفي حج غيره عنه مادام مستطيعاً أداء الحج بنفسه" انتهى.

وقد اختار علماء اللجنة الدائمة جواز الاعتمار والحج عن الحي العاجز عن فعلهما ولو كان ذلك نافلة.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١١/٨١) :

" إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين، لكبر أو مرض لا يرجى برؤه " انتهى.

وهو ما اختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله، فإنه سئل: أريد أن أحج عن والدتي، فهل لا بد أن أستأذنها، علماً بأنها سبق أن أدت حجة الفريضة؟

فأجاب:

" إذا كانت والدتك عاجزة عن الحج لكبر سنها أو مرض لا يرجى برؤه فلا بأس أن تحج عنها ولو بغير إذنها، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذنه رجل قائلاً: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حج عن أبيك واعتمر) واستأذته امرأة قائلة: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (حجي عن أبيك) . وهكذا الميت يحج عنه لأحاديث صحيحة وردت في ذلك، ولهذين الحديثين " انتهى.

"فتاوى ابن باز" (١٦/٤١٤) .

والحاصل:

أنه لا يجوز الحج ولا العمرة عن أحد من الأحياء القادر على فعلهما، وأما العاجز، فإن كان ذلك في الفريضة فهو جائز، وأما في النافلة فهو موضع خلاف بين العلماء.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>