للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم العمرة

[السُّؤَالُ]

ـ[هل العمرة واجبة أو سنة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها.

واختلفوا في وجوبها، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك –واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية- إلى أنها سنة مستحبة وليست واجبة.

واستدلوا بما رواه الترمذي (٩٣١) عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لا، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ.

غير أن هذا الحديث ضعيف، ضعفه الشافعي وابن عبد البر وابن حجر والنووي، والألباني في ضعيف الترمذي، وغيرهم.

قال الشافعي رحمه الله: هُوَ ضَعِيفٌ , لا تَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ , وَلَيْسَ فِي الْعُمْرَةِ شَيْءٌ ثَابِتٌ بِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِيَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ لا تَصِحُّ , وَلا تَقُومُ بِمِثْلِهَا الْحُجَّةُ اهـ.

وقال النووي في "المجموع" (٧/٦) : اتفق الحفاظ على أنه ضعيف اهـ.

ومما يدل على ضعفه أن جابراً رضي الله عنه ثبت عنه القول بوجوب العمرة كما سيأتي.

وذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى وجوبها. واختار هذا القول الإمام البخاري، رحم الله الجميع.

واستدل القائلون بالوجوب بعدة أدلة:

١- ما رواه ابن ماجه (٢٩٠١) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ. قال النووي في "المجموع" (٧/٤) : إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم اهـ. وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

ووجه الاستدلال من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِنَّ) وكلمة (على) تفيد الوجوب.

٢- حديث جبريل المشهور لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وعلاماتها، فقد رواه ابن خزيمة والدارقطني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه زيادة ذكر العمرة مع الحج، ولفظه: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان) قال الدارقطني: هذا إسناد ثابت صحيح.

٣- ما رواه أبو داود (١٧٩٩) والنسائي (٢٧١٩) عَنْ الصُّبَيّ بْن مَعْبَدٍ قال كُنْتُ أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا. . . فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أَسْلَمْتُ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيّ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا، فَقَالَ عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

٤- قول جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم.

قال جابر: لَيْسَ مُسْلِم إِلا عَلَيْهِ عُمْرَة. قال الحافظ: رَوَاه اِبْن الْجَهْم الْمَالِكِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَن اهـ.

وقال البخاري رحمه الله: بَاب وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَيْسَ أَحَدٌ إِلا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) اهـ وقوله: (لَقَرِينَتُهَا) أي: قرينة فريضة الحج.

وقال الشيخ ابن باز: الصواب أن العمرة واجبة مرة في العمر كالحج اهـ مجموع فتاوى ابن باز (١٦/٣٥٥) .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (٧/٩) : اختلف العلماء في العمرة، هل هي واجبة أو سنة؟ والذي يظهر أنها واجبة اهـ.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (١١/٣١٧) :

الصحيح من قولي العلماء أن العمرة واجبة، لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة/١٦٦، ولأحاديث وردت في ذلك اهـ.

والله تعالى أعلم.

انظر: "المغني" (٥/١٣) ، "المجموع" (٧/٤) ، "فتاوى ابن تيمية" (٢٦/٥) ، "الشرح الممتع" للشيخ ابن عثيمين (٧/٩) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>