للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طاف للإفاضة والوداع في اليوم العاشر

[السُّؤَالُ]

ـ[إنني من أهل جدة ولقد من علي الله بحج البيت هذا العام وحججت أنا وزوجتي (علما أننا حججنا دون حملة ولا يوجد لنا مكان هناك) وأدينا النسك ليوم عرفة ومزدلفة وفي اليوم العاشر أدينا جميع نسكه من رمي وتقصير وسعي وطواف الإفاضة مع الوداع أديناه في اليوم العاشر. ثم نزلنا إلي جدة وجلسنا فيها إلى التاسعة مساءا وطلعنا إلي مني لنقيم بها ليلنا ثم نزلنا إلى جدة بعدما صلينا فجرنا في مني ليوم الحادي عشر ثم نزلنا جدة وطلعنا مرة أخرى إلى مني مغرب الحادي عشر ورمينا جمارنا لذلك اليوم وأقمنا في مني إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل ثم رجعنا إلى جدة ثم طلعنا إلى مني بعد صلاة ظهر الثاني عشر ورمينا الجمار ثم خرجنا من مني الرابعة عصرا ذلك اليوم ورجعنا إلى جدة هل علينا طواف وداع في شهر الحج؟ هل علينا دم في شيء؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

السنة للحاج أن يبقى في منى نهارا، لفعله صلى الله عليه وسلم، وله أن يخرج منها إلى مكة أو جدة ونحوها، لا سيما إذا كان ذلك لعدم وجود مكان له في منى.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل الخروج في أيام التشريق إلى ما قرب من مكة كجدة مثلا غير مخلّ بالحج؟

فأجاب: "لا يخل بالحج، ولكن الأفضل أن يبقى الإنسان ليلا ونهارا بمنى كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم فيها ليلا ونهارا ". انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (٢٣/٢٤١، ٢٤٣) .

وينظر جواب السؤال رقم ٣٦٢٤٤.

ثانيا:

طواف الوداع إنما يكون بعد فراغ الإنسان من نسكه، أي بعد أيام منى ورمي الجمرات، ولا يجوز ولا يصح تقديمه على ذلك، فمن طاف للوداع في اليوم العاشر أو الحادي عشر، لم يجزئه.

ويجوز تأخير طواف الإفاضة لوقت الوداع، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم ٣٦٨٧٠.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: " وأما من مسكنه في جدة وطاف طواف الإفاضة قبل أن يخلّص الرجم ونوى في طوافه أن الطواف طواف إفاضة ووداع، فهذا لا يجزيه عن الوداع، لأنه لم يكمل أعمال الحج بعد.

ولو كان طوافه للإفاضة المذكور بعد فراغه من الرمي ونواه للإفاضة، واكتفى به عن الوداع، ولم يقم بعده بل سافر في الحال. كفاه عن الوداع " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن إبراهيم" (٦/١٠٨) .

والحاصل: أن طوافكم للوداع غير صحيح، وانصرافكم إلى جدة بعد المناسك دون طواف، يلزمكم فيه دم، وهو شاة تذبح في الحرم وتوزع على فقرائه.

وكذلك الزوجة يلزمها ذبح شاة، ما لم تكن في وقت الوداع حائضا؛ لأن الوداع يسقط عن الحائض، لما روى البخاري (١٧٥٥) ومسلم (١٣٢٨) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ) .

ولا يصح طوافكم للوداع الآن، ولا يسقط عنكم الدم بفعله، لأنكم غادرتم مكة بلا وداع.

فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: نحن من سكان جدة قدمنا العام الماضي للحج، وأكملنا جميع المناسك ما عدا طواف الوداع، فقد أجلناه إلى نهاية شهر ذي الحجة، وبعد أن خف الزحام عدنا، هل حجنا صحيح؟

فأجاب: "إذا حج الإنسان وأخر طواف الوداع إلى وقت آخر فحجه صحيح، وعليه أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة، فإن كان في خارج مكة كأهل جدة وأهل الطائف والمدينة وأشباههم فليس له النفير حتى يودع البيت بطواف سبعة أشواط حول الكعبة فقط ليس فيه سعي؛ لأن الوداع ليس فيه سعي بل طواف فقط، فإن خرج ولم يودع البيت فعليه دم عند جمهور أهل العلم، يذبح في مكة ويوزع على الفقراء والمساكين وحجه صحيح كما تقدم، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، فالحاصل أن طواف الوداع نسك واجب في أصح أقوال أهل العلم، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: " من ترك نسكا أو نسيه فليهرق دما " وهذا نسك تركه الإنسان عمدا، فعليه أن يريق دما يذبحه في مكة للفقراء والمساكين، وكونه يرجع بعد ذلك لا يسقطه عنه، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح عندي والله أعلم " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (١٧/ ٣٩٧) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>