للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جهاد المنافقين

[السُّؤَالُ]

ـ[لا تزال رؤوس المنافقين تطل بين الحين والحين، كلما سنحت لهم الفرصة، من أجل الطعن في شيء من ثوابت الأمة، أو التشكيك في مسلماتها، وسلخ المجتمع من هويته الإسلامية، فما واجبنا نحو هؤلاء، وكيف نصون الأمة عن شرهم؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا ريب أن هذه البلية لا تزال الأمة تعاني منها في كل حين وحين، ولا سيما حينما تحل المحن والنكبات بالأمة، ويأمن هؤلاء المنافقون من أخذهم بالعقوبة إن هم طعنوا في أصول هذا الدين، وأطلعوا رؤوس فتنتهم.

ولا شك أن ضرر هؤلاء أعظم من ضرر الكفار المعلنين بكفرهم، كما قال الله تعالى في أمثالهم: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) المنافقون/٤.

ولأجل ذلك جاء الشرع بجهادهم، والحث على الغلظة عليهم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شأن النصيرية، وفيهم من يظهر الكفر والإلحاد وفيهم من يظهر محبة آل البيت نفاقاً:

(لا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب؛ فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين، والصديق وسائر الصحابة بدؤوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب؛ فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين، وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه، وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين؛ وحفظ رأس المال مقدم على الربح.

وأيضا فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك، بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب، وضررهم في الدين على كثير من الناس أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب، ويجب على كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب؛ فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم، بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم، ولا يحل لأحد أن يعاونهم على بقائهم في الجند والمستخدمين، ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله به ورسوله، ولا يحل لأحد أن ينهى عن القيام بما أمر الله به ورسوله، فإن هذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى، وقد قال الله تعالى لنبيه

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) التوبة/٧٣، وهؤلاء لا يخرجون عن الكفار والمنافقين. والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم، كما قال الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) آل عمران/١١٠.

قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس، تأتون بهم في القيود والسلاسل حتى تدخلوهم الإسلام [البخاري ٤٥٥٧ بنحوه] .

فالمقصود بالجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هداية العباد لمصالح المعاش والمعاد، بحسب الإمكان فمن هداه الله سعد في الدنيا والآخرة، ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره) .

[مجموع الفتاوى ٣٥/١٥٩-١٦٠] .

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

(الواجب على الأمة الإسلامية أن تقابل كل سلاح يصوب نحو الإسلام بما يناسبه، فالذين يحاربون الإسلام بالأفكار والأقوال يجب أن يبين بطلان ما هم عليه بالأدلة النظرية العقلية، إضافة إلى الأدلة الشرعية، حتى يتبين بطلان ما هم عليه.

والذين يحاربون الإسلام من الناحية الاقتصادية يجب أن يدافعوا، بل أن يُهاجموا إذا أمكن بمثل ما يحاربون به الإسلام، ويبين أن أفضل طريقة لتقويم الاقتصاد على وجه عادل هي طريقة الإسلام، والذين يحاربون الإسلام بالأسلحة، يجب أن يقاوموا بما يناسب تلك الأسلحة، ولهذا قال الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) التوبة/٧٣.

ومن المعلوم أن جهاد المنافقين ليس كجهاد الكفار، لأن جهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان، وجهاد الكفار يكون بالسيف والسهام) .

[فتاوى علماء البلد الحرام ص ١٧٣٣] .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>