للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نذرت أن تذبح شاة عن أمها فهل يكفيها الصدقة بالمال؟

[السُّؤَالُ]

ـ[كانت والدتي مريضة عندي، وقد توفيت قبل عامين، فنذرتُ إن رزقني الله من واسع فضله أن أتصدق بذبيحة في شهر رمضان من تلك السنة، وأن أهب ثوابها لوالدتي، وأنا أعمل في إحدى المدارس، وأتقاضى راتباً شهرياً قدره خمسة آلاف ريال، ولكني أعطيه زوجي المحتاج، وصاحب الأسرة الكبيرة وقليل الدخل، وقد بنى لنا منزلاً وتحمَّل ديوناً كثيرة للناس، ولذلك فأنا أساعده براتبي الشهري، ولم أتمكن تلك السنة من الوفاء بنذري، ولكني كنت أعطي أختي من الراتب مبلغ ألف ريال لتتصدق به على الفقراء، وأحتسب أجر هذه الصدقة لوالدتي، فهل تكفي هذه عن النذر، أم لا بد أن أتصدَّق بذبيحة كما حدَّدت، ولو بعد فوات السنة التي حدَّدتها لذلك؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

"أولاً: ننبه أنه لا ينبغي للمسلم أن ينذر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّر، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنْ الْبَخِيلِ) .

ينبغي للمسلم أن يفعل الخير وأن يتصدق، وأن يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بما يسر الله بدون نذرٍ، لكنه إذا ألزم نفسه بذلك وجب عليه الوفاء، إذا كان نذره نذر طاعة، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ) ، وقال الله تعالى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) الإنسان/٧، وقال تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ) البقرة/٢٧٠.

فإذا نذر الإنسان نذر طاعة، وجب عليه الوفاء به، والسائلة تذكر أنها نذرت أن تذبح شاة في سنةٍ معينة وتوزعها على الفقراء، هذا نذر طاعة، لأنَّ ذبح الشاة فيه قربة إلى الله سبحانه وتعالى، والتصدُّق بلحمها فيه قربة أيضاً، وقد عيَّنته في وقت محدّد، كان يجب عليها أن توفي في وقته، وما دام أنَّها أخرَّته عن وقته، فإنَّه يجب عليها تنفيذه قضاءً، يجب عليها أن تذبح ما نذرته تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى، وتتصدق بلحمه، ويكون هذا قضاء، وعليها بدل التأخير كفارة يمين.

إذاً يلزمها شيئان:

أولاً: تنفيذ النذر الذي نذرته قضاءً.

ثانياً: كفارة يمين تكون عن تأخيره عن وقته.

وكفارة اليمين، كما قال الله تعالى: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ) المائدة/٨٩، هذه كفارة اليمين.

وأمَّا أنَّها تتصدَّق وتُعطي أختها تتصدَّق بدراهم، فهذا لا يكفي عن النذر، لأن النذر معيَّن بذبيحة، وليس هو صدقة مطلقة، فلا يكفي عن النذر، وصدقتها التي ذكرت فيها أجر، وفيها خير إن شاء الله، ونرجو أن يصل ثوابها إلى المتوفاة، ولكنها لا تكفي عن النّذر، والله أعلم" انتهى.

"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (١/٩٦) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>