للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نذرت أن تصوم كل خميس

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا طالبة عمري ١٤ سنة، كنت قد نذرت نذرا، أن أصوم كل خميس على مدى العمر، ولكنني لم أفكر فيه جيدا، مثلا: عندما يأتيني الحيض كيف سأفعل، وعند الزواج مثلا هل سيوافق زوجي على ذلك أم لا، أو عند حدوث أي شيء يمنعني من الوفاء بنذري، فهل ينطبق علي قوله صلى الله عليه وسلم: (لا نذر فيما لا يملك) ، فهل في هذه الحالة لا يجب علي الوفاء بنذري لأنه نذر خاطئ من الأساس؟ في نفس هذا النذر عند مجيء الخميس وهو اليوم، كنت ناوية أن أصوم، ولكنني لم أستأذن من أبي، فعندما ضبطت المنبه حتى أقوم للتسحر فلم أستيقظ، واستيقظت بعد أذان الفجر بنصف ساعة، فكنت محتارة أصوم أم لا، ولكنني قررت الصوم، ولكن أبي كان غضبان مني، ولم يكن موافقا أن أصوم، لأنني لم أتسحر، وأنا أصلا جسمي ضعيف، وكان عندي صداع في رأسي، ولكن كان قليلا، فأفطرت، وأبي حلف أن لا أصوم أي خميس؛ لأنه غير موافق، فماذا أفعل؟ هل أكفر عن نذري أم لا؛ لأن هذا النذر أصلا هل هو صحيح أم خاطئ كما قلت؟ هل إذا لم أقدر على وسائل التكفير الأولى مثل إطعام ١٠ مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة: أصوم ٣ أيام؟ علما بأن أبي مثلا إذا لم يوافق على إخراج الكفارة أصوم ٣ أيام، ما هو الرد على ذلك؟ ملاحظة: لا أعرف عدد أيام الخميس التي مضت حتى أصومها إذا كان علي صيامها.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لما كان النذر سببا للمشقة والعنت – لما يترتب عليه من وجوب لم يكن واجباً في الأصل – جاءت الشريعة بالنهي عنه، وانظري جواب السؤال (٢٧٣٠٣) .

فمن اختار لنفسه بعد ذلك النذرَ وجبَ عليه تحمل ما التزمه، طاعة لله تعالى، يحتسب أجره عنده سبحانه وتعالى.

فمن نذر أن يصوم كل خميس وجب عليه الوفاء به؛ لأنه نذر قربة وطاعة، ولا يجوز نقضه والحنث فيه، لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ) رواه البخاري (٦٦٩٦) .

ونقل في "الموسوعة الفقهية" (٤٠/١٤٦-١٤٧) : اتفاق أهل العلم على هذا.

فلا يجوز تضييع النذر وعدم الوفاء به من غير عذر، ولمعرفة عقوبة إخلاف النذر؛ يراجع جواب السؤال (٤٢١٧٨) .

وليس هناك عذر في تركك الوفاء بالنذر إلا في إحدى حالتين:

١- أن تكوني صبية غير بالغة، فشرط صحة النذر البلوغ.

قال النووي في "المجموع" (٨/٤٣٣) :

" فأما الصبي فلا يصح نذره " انتهى بتصرف.

وقد ذكرت أن عمرك ١٤ سنة، فيحتمل أنك بالغة، ويحتمل أنك لم تبلغي بعد، ولمعرفة علامات البلوغ راجعي جواب السؤال رقم (٧٠٤٢٥) .

٢- أن يصيبك من الصيام حرج ومرض ومشقة كبيرة غير معتادة بسبب ضعف جسمك ـ كما ذكرت ـ يقدرها الطبيب المسلم، فإن قرر أن الصيام يضرك فيجوز لك حينئذ ترك النذر، والتكفير عنه بكفارة اليمين، التي هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

قال ابن قدامة في "المغني" (١٠/٧٢) :

" مَن نذر طاعة لا يطيقها أو كان قادرا عليها فعجز عنها فعليه كفارة يمين " انتهى.

أما إذا كانت المشقة التي تلحقك بسبب الصيام مشقة عادية محتملة كالتي تصيب كل صائم، فهذا لا يجيز لك تركه.

ثانياً:

وأما بالنسبة لأيام الأعذار: فإذا كان ترك الصيام بسبب الحيض، فلا قضاء عليك ولا كفارة، لأن أيام الحيض تكون مستثناة من النذر، لتعذر صيامها شرعاً.

وأما إذا كان ترك الصيام بسبب المرض، فقد أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بوجوب قضائه.

http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=١١٢٦٦٧

ولا يجب مع القضاء كفارة يمين لأن فطرك كان بعذر.

وأما إذا كان ترك الصيام بدون عذر فيجب قضاؤه، وإخراج كفارة يمين، لمخالفة النذر بلا عذر.

قال الشيخ ابن عثيمين في امرأة نذرت أن تصوم كل يوم اثنين وخميس ثم تركت ذلك:

"يجب عليها أن توفي بالنذر تصوم الاثنين والخميس، وهذا لا يضر إن شاء الله، لأنهما يومان في الأسبوع، وما مضى فإنها تقضيه وتكفر كفارة يمين عن فوات الزمن الذي عينته، فإذا كان مضى عليها أربعون اثنين وأربعون خميس، وجب أن تقضي ثمانين يوما مع كفارة اليمين، لفوات الوقت الذي عينته ثم تستقبل أمرها فتصوم كل يوم اثنين وخميس" انتهى.

فعلى هذا؛ فما مضى من الأيام لم تصوميها، عليك أن تجتهدي في معرفة عددها، وتقضيها، وعليك مع ذلك كفارة يمين.

ثالثاً:

ليس للوالد أن يمنع ولده من صوم النذر، بل ولا صوم التطوع إذا كان مستطيعا ولا يضره الصوم، ويتأكد هذا في صوم النذر لأنه صوم واجب.

وأما الزوج ففي حالتك ليس له المنع أيضاً، لأن النذر كان سابقاً على حقه، لأنه كان قبل الزواج.

قال الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (٤/١٤١) :

" لا يحتاج في صوم رمضان إلى إذنه – يعني الزوج - ولا يمتنع بمنعه، وفي معنى صوم رمضان كل صوم واجب مضيَّق: كقضاء رمضان، أو نذرت قبل النكاح أو بعده بإذنه صيام أيام بعينها " انتهى.

وقد نقلنا في جواب السؤال رقم (١٠٥٢٨٥) فتوى الشيخ صالح الفوزان فيمن نذرت قبل الزواج أن تصوم تسع ذي الحجة، أنه يس لزوجها أن يمنعها من هذا الصوم.

رابعاً:

كفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أي خصلة من هذه الخصال فعلتها أجزأ ذلك عنك، فإن عجزت عن الخصال الثلاثة فإنك تصومين ثلاثة أيام، فإذا كان الصوم يضرك بسبب ضعف جسمك، فلا شيء عليك وتسقط عنك الكفارة لعدم الاستطاعة، ولا يجب على والدك أن يخرج الكفارة عنك، بل الكفارة واجبة عليك أنت.

والله أعلم.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>