للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم تمني الرجل كونه امرأة والعكس

[السُّؤَالُ]

ـ[هل على الرجل إثم في قوله " يا ليت ربي خلقني أنثى، أو العكس؟ هل في ذلك اعتراض على خلقة الله سبحانه وتعالى؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا يجوز للذكَر أن يتمنى لو كان أنثى، كما لا يجوز للأنثى أن تتمنى لو كانت ذَكراً؛ إذ في تمنيهم هذا اعتراض على قدر الله، وتسخط عليه، وهو يؤدي إلى البطالة والكسل، وترك العمل.

قال الله تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) النساء/ ٣٢.

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله:

"وأما قوله عز وجل: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) : فقد فُسِّر ذلك بالحسد، وهو تمني الرجل نفس ما أعطي أخوه من أهل ومال، وأن ينتقل ذلك إليه.

وفُسِّرَ بتمني ما هو ممتنع شرعاً أو قدراً، كتمنِّي النِّساءِ أنْ يكنَّ رجالاً، أو يكون لهن مثلُ ما للرجالِ من الفضائلِ الدينية كالجهاد، والدنيوية كالميراثِ والعقلِ والشهادةِ ونحو ذلك.

وقيل: إن الآية تشمل ذلك كله، ومع هذا كله فينبغي للمؤمن أن يحزن لفوات الفضائل الدينية، ولهذا أُمِر أن ينظر في الدِّين إلى مَن هو فوقه، وأن ينافس في طلب ذلك جهده، وطاقته، كما قال تعالى: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) " انتهى.

" جامع العلوم والحكم " (ص ١٢٢، ١٢٣) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:

"ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضَّل الله به غيرَه من الأمور الممكنة، وغير الممكنة، فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضَّلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيّاً مجرداً؛ لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها؛ ولأنه يقتضي السخط على قدر الله، والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب، وإنما المحمود أمران: أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه، ولا على غير ربه، ولهذا قال تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا) أي: من أعمالهم المنتجة للمطلوب، (وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) فكلٌّ منهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه.

(وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) أي: من جميع مصالحكم في الدين والدنيا، فهذا كمال العبد، وعنوان سعادته، لا مَن يترك العمل، أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمع بين الأمرين، فإن هذا مخذول خاسر.

وقوله: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) فيعطي من يعلمه أهلاً لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق" انتهى.

" تفسير السعدي " (ص ١٧٦) .

وانظر جواب السؤال رقم: (٥٧١٠) .

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>