للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لماذا لم يرشدنا الإسلام إلى التقليل من أكل اللحوم الحمراء؟

[السُّؤَالُ]

ـ[في القرآن اللحوم حلال إلا الخنزير ولكني أسأل: لماذا لم يرشدنا الإسلام إلى التقليل من أكل اللحوم الحمراء التى قال الأطباء إنها تسبب ارتفاع الكلسترول الذي يتسبب في أزمات قلبية وانسداد في الشرايين؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ينبغي أن يُعلم أولاً: أن القرآن الكريم كتاب هداية وتشريع، وليس كتابا طبيا أو فلكيا، حتى يطلب البعض أن يُذكر فيه كل ما يتعلق بالطب أو الفلك أو النباتات أو الحيوانات.

قال الله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) إبراهيم/١.

وقال تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الأنعام/١٥٥.

وفيما يتعلق بالأطعمة جاء القرآن الكريم بتحريم بعض الأطعمة وذكرها تفصيلاً، وجاء البعض الآخر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وجاء القرآن الكريم ببعض القواعد فيما يتعلق بالأطعمة.

ثم جاء بيان ذلك كله في السنة النبوية تفصيلاً.

ففي مقام التفصيل قال الله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الأنعام/١٤٥.

وقال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) المائدة/٣.

وفيما يتعلق ببعض القواعد، قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/٣١.

فهذا نهي عن الإسراف في الأكل والشرب عموماً، ولا يختص ذلك بنوع معين من الأكل أو الشرب.

وهذا النهي العام عن الإسراف أبلغ وأكثر فائدة من مجرد النهي عن الإسراف في أكل اللحوم الحمراء أو غيرها، لأن هذا العموم يندرج تحته من المسائل الكثير والكثير.

قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (٤/٢١٣) :

"فأرشد عباده إلى إدخال ما يقيم البدن من الطعام والشراب، وأن يكون بقدر ما ينتفع به البدن في الكمية والكيفية، فمتى جاوز ذلك كان إسرافا، وكلاهما مانع من الصحة، جالب للمرض، أعني عدم الأكل والشرب، أو الإسراف فيه، فحفظ الصحة كله في هاتين الكلمتين" انتهى.

وقال الله تعالى في صفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ) الأعراف/١٥٧.

وقال تعالى: (يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) المائدة/٤.

فكل طيب فهو حلال، وكل خبيث فهو حرام.

وأما ما يتعلق بالسنة فقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم أكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، وحرم أكل لحوم الحمر الأهلية..... وغيرها.

وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن في طعامه وشرابه فقال: (مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) رواه الترمذي (٢٣٨٠) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

وحرم النبي صلى الله عليه وسلم كل ضار، من الأطعمة والأشربة وغيرها، فقال: (لا ضرر ولا ضرار) رواه ابن ماجه (٢٣٤٠) وصححه الألباني في"إرواء الغليل" (٨٩٦) .

فقد يكون الطعام حلالا من حيث الأصل، ولكنه بسبب الإسراف في أكله يؤدي إلى الضرر فيكون حراماً، وهذا لا يختص باللحوم، بل كل شيء يتضرر الإنسان بأكله يكون حراماً، حتى التمر.

فقد ذكر العلماء أنه يحرم أكل ما يضر.

وانظر: "المجموع" (٩/٣٩) .

فإذا ثبت أن طعاما معينا ضار فإنه يحرم أكله، لكن يجب التنبه إلى أن ضرر الطعام قد يختلف باختلاف الأشخاص والبلدان، فلا يجوز تعميم القول بالتحريم، وإنما يحرم على من يضره فقط، إذا أكل القدر الذي يضره.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>