للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز دفن الزوج مع زوجته في قبر واحد

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز دفن الزوج مع زوجته في نفس القبر؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ذهب كثير من فقهاء الشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة، إلى أنه لا يجوز أن يدفن في قبر واحد أكثر من ميت، إلا عند الضرورة، بأن يكثر القتلى، أو يكون وباء أو حريق أو غرق، ويعسر دفن كل واحد في قبر، فيجوز حينئذ دفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد، ولا يدفن رجل مع امرأة إلا عند اشتداد الضرورة، ويجعل بينهما حاجز من تراب.

وقد دل على ذلك ما رواه البخاري (١٣٤٣) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:

(كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ)

وروى النسائي (٢٠١٠) واللفظ له والترمذي (١٧١٣) وأبو داود (٣٢١٥) عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: (شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَفْرُ عَلَيْنَا لِكُلِّ إِنْسَانٍ شَدِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ.

قَالُوا: فَمَنْ نُقَدِّمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا قَالَ فَكَانَ أَبِي ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي.

قال النووي رحمه الله في المجموع (٥/٢٤٧) : " لا يجوز أن يدفن رجلان ولا امرأتان في قبر واحد من غير ضرورة , وهكذا صرح السرخسي بأنه لا يجوز , وعبارة الأكثرين: لا يدفن اثنان في قبر كعبارة المصنف , وصرح جماعة بأنه يستحب أن لا يدفن اثنان في قبر. أما إذا حصلت ضرورة بأن كثر القتلى أو الموتى في وباء أو هدم وغرق أو غير ذلك، وعسر دفن كل واحد في قبر فيجوز دفن الاثنين والثلاثة، وأكثر، في قبر , بحسب الضرورة للحديث المذكور , قال أصحابنا: وحينئذ يقدم في القبر أفضلهم إلى القبلة , فلو اجتمع رجل وصبي وامرأة قدم إلى القبلة الرجل , ثم الصبي , ثم الخنثى , ثم المرأة. قال أصحابنا: ويقدم الأب على الابن , وإن كان الابن أفضل لحرمة الأبوة , وتقدم الأم على البنت , ولا يجوز الجمع بين المرأة والرجل في قبر إلا عند تأكد الضرورة , ويجعل حينئذ بينهما تراب ليحجز بينهما بلا خلاف , ويقدم إلى القبلة الرجل وإن كان ابنا ".

وذهب بعض أهل العلم إلى أن دفن أكثر من شخص في قبر واحد، مكروه فقط، وهو مذهب المالكية، ورواية عن أحمد، اختارها شيخ الإسلام رحمه الله. ينظر "الإنصاف" (٢/٥٥١) ، شرح الخرشي (٢/١٣٤) .

وذهب آخرون إلى عدم الكراهة، وقالوا: إنه ترك للأفضل، فحسب.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والراجح عندي - والله أعلم - القول الوسط، وهو الكراهة، كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، إلا إذا كان الأول قد دفن واستقر في قبره، فإنه أحق به، وحينئذٍ فلا يُدخل عليه ثان، اللهم إلا للضرورة القصوى " انتهى من "الشرح الممتع" (٥/٣٦٩) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>