للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شاب مسلم في بلد كافر يرفض الدراسة المختلطة ويرغب بالهجرة من تلك البلاد!

[السُّؤَالُ]

ـ[أرغمني والداي على الذهاب إلى مدرسة مختلطة، ضقت بها ذرعاً، فكنت أهرب، وأذهب إلى المسجد لسماع بعض الدروس، والمكوث فيه، كردة فعل، اتصلتْ المدرسة على البيت فلم يجدوني، فاتصلوا بالشرطة، ومن ثم انهالت عليَّ النصائح بضرورة الدراسة، وأن ما فعلته خطأ ... الخ. أسئلتي هي: هل حقّاً أن ما فعلته خطأ؟ فكل ما فعلته هو الذهاب إلى المسجد، وكيف أقنع والداي أن الاختلاط حرام، واللذان يتحججان بأنه ليس هناك خيار آخر إلا هذه المدرسة؟ وهل يجوز لي أن أهاجر من هذه البلاد – كندا - إلى بلاد الإسلام دون علمهما؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

في البداية نسأل الله أن يثبتك على طاعته، وكم فرحنا أن تكون هذه الرسالة من شاب عمره خمسة عشر عاماً! عنده حب الاستقامة، ويغار على دينه، ويخاف على نفسه من الفتنة، ومتعلق قلبه ببيت الله تعالى، وكم يوجد في سنِّك ممن يلهو ويفرِّغ قوة شبابه في المحرمات، ليس في بلاد الكفر، بل حتى في بلاد المسلمين.

ثانياً:

اعلم – أخانا الشاب – أنه لا يجوز للمسلم أن يدرس في مدْرسة، ولا جامعة مختلطة في بلاد المسلمين، فكيف في بلاد الغرب؛ وذلك لما يترتب على ذلك من مفاسد، ومحاذير، لا تخفى على أحد.

وقد بيَّنا في جواب السؤال رقم (١٢٠٠) تفصيل الحكم في الاختلاط.

ثالثاً:

إذا وجد البديل للدراسة المختلطة فلا تجوز الدراسة في المدارس المختلطة ولا تجب طاعة الوالدين في الدراسة المختلطة؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا طَاعَةَ في مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ في الْمَعْرُوفِ) رواه البخاري (٧٢٥٧) ومسلم (١٨٤٠) .

وإذا لم يوجد البديل المباح لهذه الدراسة المختلطة، وأصرَّ والداك على تلك المدرسة، فالنصيحة لك أن تصبر على ما تراه، حتى يفرِّج الله كربك، واجتهد بقدر الإمكان في البعد عن مواطن الاختلاط في المدرسة، واحرص على صحبة صالحة تعينك على أمر دينك.

وانظر جواب السؤال رقم (٧٢٤٤٨) .

رابعاً:

أما الهجرة من بلاد الكفر التي لا يستطيع المسلم أن يؤدي فيها شعائر الإسلام , وما أوجبه الله عليه: فهي واجبة عليه، فأغلى ما يملكه الإنسان هو دينه؛ فتجب المحافظة عليه , وعدم التفريط فيه، ولا يُعذر المسلم إلا أن يكون مُستَضعفاً، عاجزاً غير قادر على الهجرة.

قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) النساء/٩٧.

وقد سبق الجواب عن حكم الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، وأقوال العلماء في ذلك، في جواب السؤال: (٩٦٥٣٢) .

ونظراً لأنه لا توجد الآن الدولة التي ترضى باستقبال هؤلاء المهاجرين، صار أمر الهجرة صعباً للغاية.

وانظر جواب السؤال رقم (١٣٣٦٣) .

فالحقيقة.. الأمر محيِّر عندنا، وما نستطيع أن ننصحك به، هو:

أن تبقى بين أهلك، تلتزم ورداً من القرآن، ولا تترك الصلاة في المسجد، وأن تحرص على صحبة صالحة، وأن تتجنب مواطن الفتنة بقدر الإمكان.

واعلم أن بعض الصحابة كانوا صغاراً – كابن عباس – ولم يستطيعوا الهجرة إلى المدينة، وظلوا بين الكفار، ولم يؤثر ذلك عليهم، حتى فرَّج الله عنهم، وصار ابن عباس بعدها علَماً ف العلم، وإماماً يُقتدى به، فاصبر حتى ترى من الله فرَجاً.

ونسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>