للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفقر وآثاره السيئة ووسائل القضاء عليه في الإسلام

[السُّؤَالُ]

ـ[كيف حارب الإسلام الفقر؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الفقر من المصائب التي قدَّر الله وقوعها، إما على شخص بعينه أو أسرة أو مجتمع، وللفقر آثاره السيئة على الاعتقاد والسلوك، فإن كثيراً من المنصرين يستغلون فقر الشعوب وقلة ذات يدهم لنشر النصرانية في صفوفهم، وكذا فإنه ينتشر بسبب الفقر من الأخلاق الرذيلة الشيء الكثير؛ وذلك لجبر فقرهم، وسد حاجتهم، فينتشر بينهم السرقة، والقتل، والزنا، وبيع المحرمات، ولا شك أن لتلك الأمور أثرها السيئ على الفرد والمجتمع، وقد ذكر الله تعالى عن المشركين أن بعضهم كان يقتل ولده فلذة كبده إما من الفقر الذي يعيشه، أو خشية أن يصيبه الفقر! ، قال تعالى في الصنف الأول: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) الأنعام/من الآية١٥١، وقال تعالى في الصنف الثاني: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) الإسراء/٣١.

وقد ورد في الصحيحين قصة المرأة من بني إسرائيل عندما احتاجت لمال وضاقت عليها الأرض فلم تجد إلا ابن عمها الذي راودها عن نفسه مقابل أن يعطيها المال، ثم نجاها الله تعالى بعد أن ذكَّرته بالله تعالى وخوفته به.

وعلى كل حال: فقد أصبح أمراً معروفاً أن الفقر ينتج الجرائم والفساد، ولذا فإن الأمم تعاني منه، وعبثاً تحاول إيجاد الحلول له، ولا حلَّ له إلا بالإسلام، الذي جاءت أحكامه للناس جميعاً، وإلى قيام الساعة.

ثانياً:

ومن الوسائل التي وردت في شرعنا المطهَّر لحل مشكلة الفقر ومحاربتها:

١. تعليم الناس الاعتقاد الصحيح بأن الرزق من الله تعالى، وأنه هو الرزاق، وأن كل ما يقدِّره الله تعالى من المصائب فلحكمٍ بالغة، وعلى المسلم الفقير الصبر على مصيبته، وبذل الجهد في رفع الفقر عن نفسه وأهله.

قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) الذاريات/٥٨، وقال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) هود/٦، وقال تعالى: (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ) الملك/٢١، وقال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) الإسراء/٧٠.

ومن شأن هذه الاعتقادات أن تصبِّر الإنسان على ما يصيبه من فقر، وأن يلجأ إلى الله تعالى وحده في طلب الرزق، وأن يرضى بقضاء الله، ويسعى بطلب الرزق.

عَنْ صُهَيْبٍ الرومي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) .

رواه مسلم (٢٩٩٩) .

ويمكننا أن نعرف أثر هذه العقيدة على المسلمين من خلال النظر في واقع غيرهم، ففي اليابان – مثلاً – انتحر في عام ٢٠٠٣ ثلاثة وثلاثون ألفاً! ومن أبرز الأسباب: البطالة! ففي تقرير في موقع " البي بي سي " بتاريخ ١ / ٩ / ٢٠٠٤ م قالوا:

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن ثلاثة وثلاثين ألف شخص قتلوا أنفسهم العام الماضي في اليابان، ويقول المسؤولون اليابانيون: إن من بين أسباب ارتفاع معدلات الانتحار حالة الكساد الاقتصادي التي تمر بها اليابان، والتي تعد الأسوأ منذ خمسين عاماً، وأدت إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غبر مسبوقة، فارتفع عدد حالات الإصابة بالاكتئاب، وخاصة بين الرجال في مرحلة الكهولة. انتهى

قال تعالى: (إِِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) الإسراء/٣٠.

قال ابن كثير – رحمه الله -:

وقوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) إخبار أنه تعالى هو الرزاق، القابض، الباسط، المتصرف في خلقه بما يشاء، فيُغني من يشاء، ويُفقر من يشاء، بما له في ذلك من الحكمة؛ ولهذا قال: (إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا) أي: خبير بصير بمن يستحق الغنى، ومن يستحق الفقر ... .

وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجًا، والفقر عقوبة، عياذًا بالله من هذا وهذا.

" تفسير ابن كثير " (٥ / ٧١) .

٢. الاستعاذة بالله تعالى من الفقر.

وقد ورد في السنة ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلِّمه أمته، وهو الاستعاذة بالله تعالى من الفقر؛ لما له من أثر على النفس، والأسرة، والمجتمع.

عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ " فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ، فَقَالَ أَبِي: أَيْ بُنَيَّ عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: عَنْكَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ.

رواه النسائي (١٣٤٧) ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي ".

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ) .

رواه البخاري (٦٠٠٧) ومسلم (٥٨٩) .

٣. الحث على العمل، والكسب، والمشي في الأرض لكسب الرزق.

قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) الملك/١٥، وقال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الجمعة/١٠.

عَنْ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) .

رواه البخاري (١٩٦٦) .

عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ) .

رواه البخاري (١٤٠٢) .

٤. إيجاب الزكاة في أموال الأغنياء.

وقد جعل الله تعالى للفقراء نصيباً في الزكاة، ويُعطى الفقير تمليكاً، ويُعطى حتى يغتني، ويزول فقره.

قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/٦٠، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) المعارج/٢٤، ٢٥.

٥. الحث على الصدقات، والأوقاف، وكفالة الأيتام والأرامل.

قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة التغابن الآية ١٦، وقال تعالى (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) سورة سبأ الآية ٣٩، وقال تعالى وقوله سبحانه وتعالى: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا) سورة المزمل الآية ٢٠.

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ) .

رواه البخاري (١٣٤٧) ومسلم (١٠١٦) – واللفظ له -.

عَنْ سَهْل بنِ سَعْد قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا -) .

رواه البخاري (٤٩٩٨) .

ومسلم (٢٩٨٣) من حديث أبي هريرة بلفظ قريب.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ) .

رواه البخاري (٥٠٣٨) ومسلم (٢٩٨٢) .

٦. تحريم الربا والقمار، والغش في البيع.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/٢٧٨، ٢٧٩، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/٩٠.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي.

رواه مسلم (١٠٢) .

وهذه الأمور من شأن وجودها وانتشارها بين الناس أن تأخذ أموال الناس بالباطل، وقد يفقد الناس أموالهم كلها بسببها، لذا جاءت النصوص البينة بتحريمها.

٧. الحث على إعانة المحتاج، والوقوف بجانب الضعيف.

عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)

رواه البخاري (٥٦٦٥) ومسلم (٢٥٨٦) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(ليس المسلم الذي يشبع ويجوع جاره) .

رواه البيهقي في الشعب (٩٢٥١) وغيره، وحسنه الألباني.

وفي موطأ الإمام مالك (١٧٤٢) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَدْرَكَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ حِمَالُ لَحْمٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَرِمْنَا إِلَى اللَّحْمِ فَاشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا!!

فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ عَنْ جَارِهِ أَوْ ابْنِ عَمِّهِ؟!! أَيْنَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا) .

وبعد:

فهذه لمحة عن حقيقة الفقر، وفيها إشارة إلى بعض آثاره السيئة، والمسلم يعلم أن الفقر والغنى، والعطاء والمنع، من تقدير الله تعالى، فيصبر الضراء متى نزلت، ويشكر الله تعالى على السراء إن أدركته، لكنه مطلوب منه العمل والتكسب لرفع الفقر عن نفسه وأهله، ومن عجز لظرف بدنه أو بلده: فإن الإسلام يرفع فقره بزكاة الفقراء وصدقاتهم، وهو حق له في أموالهم.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>