للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يأخذ من مال الشركة في بلاد الكفر فوق راتبه

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب مقيم في دولة غربية وأعمل في شركة مواصلات، ولي زميل يعمل معي ولنا التصرف التام في الأموال التي تدفع من طرف الزبون، وزميلي يأخذ دائماً قسطاً من المال ويقول إننا لنا الحق في فعل هذا وذلك بحجة أن صاحب الشركة لا يعطي لنا حقنا. أن الراتب الذي نتقاضاه هو حسب شروط قبولنا للعمل.

ونحن نفعل أمراً آخر: فإذا كان أحد الزبائن مِن معارفنا حذفنا المبلغ.

أطلب منكم مساعدتي فإني نصحت زميلي كثيراً ولكن هو مقتنع بأن الأمر الذي يفعله جائز.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أوجب الله تبارك وتعالى أداء الأمانة على وجهها، قال الله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم خيانة الأمة علامة من علامات النفاق والعياذ بالله، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) روه البخاري (٣٣) ومسلم (٥٩) .

ولا فرق في التحريم بين أن يخون المسلم أمانة أخيه المسلم أو أمانة الكافر الذي ائتمنه على ماله، بل إنه بصدقه وأمانته يقدم أنموذجاً جيِّداً للمسلمين، وقد دخلتْ دول كثيرة في الإسلام بسبب أمانة وصدق التجار المسلمين، وعلى العكس فإنه إذا خان أو كذب كان ذلك سبباً لتنفير الناس عن الدين وصدهم عن سبيل الله.

قال الشافعي - رحمه الله -:

وإذا دخل رجل مسلم دار الحرب بأمان.. وقدر على شيء من أموالهم لم يحل له أن يأخذ منه شيئاً قلّ أو كثر؛ لأنه إذا كان منهم في أمان فهم منه في مثله، ولأنه لا يحل له في أمانهم إلا ما يحل له من أموال المسلمين، وأهل الذمة. " الأم " (٤ / ٢٨٤) .

وبما أنكم اتفقتم مع الشركة على راتب معيَّن: فإنه لا يحل لكم أن تأخذوا زيادة عليه دون علم أصحاب الشركة، وادعاء أنهم لم يعطوكم ما تستحقون ليس بعذر، إذ لو فتح هذا الباب لادعاه كل عامل ولضاعت الحقوق والأمانات.

ولا يحل لكم – كذلك – أن تخصموا على أحدٍ فواتيره، ولا أن تسقطوها بالكلية، فالمال ليس مالكم حتى تفعلوا هذا، ويجب استيفاء الحقوق من أصحابها أيّاً كانوا.

لذا فإن الواجب عليكما التوبة إلى الله تعالى بالإقلاع عن فعلكم هذا، والندم عليه، والعزم على عدم العوْد، مع ضرورة إرجاع الحقوق إلى الشركة، تلك التي أُخذت فوق الراتب، وتلك التي أسقطت عن معارفكم وأصدقائكم.

وانظر جواب السؤال رقم (١٤٣٦٧) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>