للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حكم بيع الصبي

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا كان لا يصح بيع الطفل إلا في الشيء اليسير، فما ضابط الشيء اليسير؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

اختلف الفقهاء في صحة بيع الصبي وشرائه، فمنهم من صحح ذلك بإذن الولي، ومنهم من لم يصححه سواء أذن الولي أو لم يأذن، ومنهم من أجاز تصرفه في الشيء اليسير بدون إذن وليه.

قال في "المجموع" (٩/١٨٥) مبينا مذاهب العلماء في ذلك: " فرع في مذاهب العلماء في بيع الصبي المميز: قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يصح سواء أذن له الولي أم لا , وبه قال أبو ثور.

وقال الثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق: يصح بيعه وشراؤه بإذن وليه. وعن أبي حنيفة رواية أنه يجوز بغير إذنه ويقف على إجازة الولي , قال ابن المنذر: وأجاز أحمد وإسحاق بيعه وشراءه في الشيء اليسير يعني بلا إذن " انتهى.

وقال ابن قدامة في "المغني" (٤/١٦٨) : " ويصح تصرف الصبي المميز بالبيع والشراء , فيما أذن له الولي فيه، في إحدى الروايتين. وهو قول أبي حنيفة.

والثانية: لا يصح حتى يبلغ. وهو قول الشافعي ; لأنه غير مكلف , أشبه غير المميز. ولأن العقل لا يمكن الوقوف منه على الحد الذي يصلح به التصرف ; لخفائه , وتزايده تزايدا خفي التدريج , فجعل الشارع له ضابطا , وهو البلوغ , فلا يثبت له أحكام العقلاء قبل وجود المظنة.

ولنا: قول الله تعالى: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) . ومعناه ; اختبروهم لتعلموا رشدهم. وإنما يتحقق اختبارهم بتفويض التصرف إليهم من البيع والشراء ; ليعلم هل يُغبن أو لا. ولأنه عاقل مميز , محجور عليه , فصح تصرفه بإذن وليه , كالعبد. وفارق غير المميز , فإنه لا تحصل المصلحة بتصرفه ; لعدم تمييزه ومعرفته , ولا حاجة إلى اختباره ; لأنه قد علم حاله.

وقولهم: إن العقل لا يمكن الاطلاع عليه. قلنا: يعلم ذلك بآثار وجريان تصرفاته على وفق المصلحة , كما يعلم في حق البالغ , فإن معرفة رشده , شرط دفع ماله إليه , وصحة تصرفه , كذا هاهنا.

فأما إن تصرف بغير إذن وليه , لم يصح تصرفه. ويحتمل أن يصح , ويقف على إجازة الولي. وهو قول أبي حنيفة ...

وأما غير المميز , فلا يصح تصرفه , وإن أذن له الولي فيه , إلا في الشيء اليسير , كما روي عن أبي الدرداء , أنه اشترى من صبي عصفورا , فأرسله. ذكره ابن أبي موسى " انتهى.

والحاصل أن الصبي يصح تصرفه بالبيع والشراء في حالين:

الأول: أن يكون في الشيء اليسير، فيصح منه ولو كان دون التمييز.

الثاني: أن يكون بإذن وليه.

والشيء اليسير كالرغيف، وقطعة الحلوى، ونحو ذلك.

قال في "مطالب أولي النهى" (٣/١٠) : " (إلا في) شيء (يسير) ; كرغيف , وحزمة بقل , وقطعة حلوى ونحوها ... وإلا (إذا أذن لمميز وسفيه وليهما) ; فيصح - ولو في الكثير - لقوله تعالى: {وابتلوا اليتامى} (ويحرم) إذن ولي لهما بالتصرف في مالهما (بلا مصلحة) ; لأنه إضاعة " انتهى.

وما ذكره في اليسير إنما هو على سبيل التمثيل لا الحصر، وإنما يرجع في ضبط ذلك إلى العرف، فما تعارف الناس على أنه يسير، وجرت العادة بأن يشتري الصبيان مثله، فهو اليسير الذي يرخص للصبيان في شرائه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>