للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يعدُّ شرائي للعطور الغالية إسرافاً؟ .

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يعدُّ شرائي للعطور الغالية إسرافاً؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الطيب والعطور من متاع الدنيا وزينتها، وقد نصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على أنه قد حبِّب له من الدنيا.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (حُبِّب إِليَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، وَجُعَلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ) . رواه النسائي (٣٩٣٩) ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي ".

ومما لا شك فيه من الواقع أن الطيب ذا الثمن المرتفع له رائحة طيبة، ويدوم أكثر من الطيب الرخيص الثمن، ولذا لا يعدُّ شراء الطيب بثمن مرتفع من الإسراف، وإنما يمنع ذلك في حالات، منها:

أ. أن لا يكون مالكاً لمالٍ يشتري به ذلك الطيب، فيستدين من أجله، أو يملك لكنه يضر من تجب عليه نفقته لو اشتراه.

ب. أن يقصد بذلك الفخر، والخيلاء، والمباهاة.

ج. أن يكثر منه من غير حاجة.

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:

في هذه الأيام تكثر الولائم في مناسبات الزواج وغيره، وبعض الناس يبالغ في شراء العود –أعني: البخور - فيَصِل في قيمته إلى مبالغ خيالية، وإذا نوقش في ذلك استدل بما روي عن عمر حيث قال: " لو أنفق الرجل ماله كله في الطيب لم يكن مسرفاً " فما قولك وفقك الله؟ .

فأجاب:

قولنا: الطيب لا شك أنه محبوب، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (حُبِّب إليَّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة) والحقيقة: أن الطيب إذا لم يتعد طوره: فلا إسراف فيه، أي: لو كان - مثلاً - هذا المكان يفد إليه الناس أفواجاً، كلما جاء فوج وضع له طيباً: هذا ليس إسرافاً، وإن كان هذا الطيب بالنسبة لأول فوج سيكون متكرراً، لكنه حقيقة ليس إسرافاً؛ لأن الطيب الأخير لمن جاء آخراً، فنقول: هذا ليس فيه إسراف، أما من أتى بطيب كثير، وجعله يتبخر طوال المجلس، مع طوله، وعدم الاحتياج إليه: فهذا يكون إسرافاً.

" اللقاء الشهري " (٣٧ / السؤال رقم ١٦) .

وسئل – رحمه الله -:

بعض أهل العلم يقول: إن الإسراف هو شيء نسبي، ويقول: إنه كذلك في شراء الطِّيب، فليس فيه إسراف مهما اشترى الإنسان، وذكر أنه يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

فأجاب:

أما إسراف العبادات: فليس أمراً نسبيّاً؛ لأنه محدَّد من قبل الشرع، وقد توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة ومرتين وثلاثاً، وقال: (من زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم) .

وأما الإسراف في العادات: فهو أمر نسبي، قد يكون هذا الشيء إسرافاً بالنسبة لطائفة معينة، ولا يكون إسرافاً لطائفة أخرى، وقد يكون إسرافاً لأهل بلد، ولا يكون إسرافاً للبلد الآخر، فهو أمر نسبي، ويعرف هذا بالقاعدة: " أن الإسراف مجاوزة الحد ".

وأما الطِّيب: فلا شك أن الإنسان إذا كان من أهل الثروة، واشترى طِيباً طَيِّباً غالياً: فإنه لا يعد مسرفاً، لا سيما وأن الطِّيب الطَّيِّب - كما هو معروف - تبقى رائحته مدة طويلة، وتكون أطيب، وأما إذا كان من الناس المتوسطين والفقراء: فإن شراء مثل هذا الطيب في حقِّه يعتبر إسرافاً.

" لقاءات الباب المفتوح " (٨ / السؤال رقم ٢٤) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>