للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأفضل ألا يشتري بالتقسيط وهو قادر على السداد نقداً

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز لي أن أشتري بالتقسيط مع أنني قادر على سداد ثمن السلعة نقداً؟ مع العلم أن ثمن السلعة بالتقسيط أكثر من ثمنها نقداً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

سبق في جواب السؤال رقم (١٣٩٧٣) أن بيع التقسيط مع زيادة ثمن السلعة جائز.

ومع جوازه إلا أنه ينبغي عدم التوسع فيه لاسيما مع عدم الحاجة إليه. لأن بيع التقسيط هو بيع بالدين، ولا ينبغي التوسع في الاستدانة، بل ينبغي أن لا يستدين إلا لحاجة أو ضرورة.

فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين.

روى البخاري (٨٣٣) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. [والمغرم هو الدين] فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ! فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ [أي: استدان] حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ.

وكان صلى الله عليه وسلم يدعو بقضاء الدين.

فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ. رواه البخاري (٤٨٨٨) .

ولذلك ينبغي أن لا يشتري بالتقسيط وهو قادر على دفع الثمن في الحال. لأنه بذلك يشغل ذمته بالديون وهو مستغنٍ عن ذلك، ولا حاجة إليه، ويعرض نفسه للخطر، إذ لو مات المرء وعليه دين لم يغفر له ولو مات شهيداً في المعركة، حتى يقضى عنه دَيْنُه.

روى مسلم (١٨٨٦) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ) .

وروى النسائي (٤٦٠٥) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ؟ فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ رَجُلا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ. حسنه الألباني في صحيح النسائي (٤٣٦٧) .

فالحاصل أنك إذا كنت مستغنياً ولست في حاجة إلى المال الذي معك ولا تظن أنك تحتاج إليه قريباً فالأولى لك أن تشتري نقداً ولا تشتري بالتقسيط.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>