للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتوسط البائع بين البنك والمشتري ليتعاقدا عقداً ربوياً

[السُّؤَالُ]

ـ[مسلم ببلاد الكفر وصاحب محل للأثاث يقول إن البنوك تتعامل مع أصحاب المحلات بتقديم قرض غير ربوي للزبائن يعني أن الزبون يشتري المنتج بنفس الثمن الأصلي، البنك يقوم بدفع المبلغ الكامل لصاحب المحل بينما الزبون يدفع للبنك المبلغ على دفعات في الوقت المحدد، فإن لم يسدد في الوقت المحدد زيد عليه. فهل صاحب المحل يكون قد وقع في تعامل ربوي؟ وما هو السبيل لكي يتفادى ذلك؟ مع العلم أن عدم التعامل بهذه الطريق يسبب له خسارة، وذلك بالنظر إلى أن الزبون يتهرب عند معرفة أن المحل ليس له عقد مع أي بنك؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

اشتراط الزيادة في القرض عند التأخر في السداد، هذا هو من ربا الجاهلية الذي جاء القرآن بتحريمه، وأجمع المسلمون على تحريمه تحريماً قطعياً.

قال القاضي أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (١/٣٢٠) وهو يتكلم عن ربا الجاهلية الذي حرمه القرآن قال: " كانوا يتبايعون ويربون , وكان الربا عندهم معروفا , يبايع الرجل الرجل إلى أجل , فإذا حل الأجل قال: أتقضي أم تربي؟ يعني أم تزيدني على مالي عليك وأصبر أجلا آخر. فحرم الله تعالى الربا , وهو الزيادة" انتهى.

وبهذا يعلم أن ما تجريه هذه البنوك هو الربا المحرم فلا يجوز للعملاء الاقتراض منها، ولا يجوز لأحد إعانتهم على ذلك، وقد ورد الوعيد الشديد لكل من أعان على هذه الكبيرة القبيحة ففي صحيح مسلم (٢٩٩٥) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .

قال النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: " وفيه تحريم الإعانة على الباطل " انتهى.

فهذه المحلات التجارية وإن لم تكن آكلة للربا أو موكلة له فإنها معينة عليه متسببة في وقوعه، فعلى أصحابها أن يتقوا الله تعالى ويجتنبوا هذه المعاملات، وقد وعد سبحانه وتعالى من اتقاه بأن يجعل له مخرجا، فقال جل شأنه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/ ٢-٣.

فما دام الاتفاق يتم بينك وبين البنك، فهو محرم، وإعانة للبنك والمشتري على التعامل بالربا، وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/٢.

أما إذا كان الاتفاق يتم بين المشتري والبنك، ولم تتوسط أنت بينهما، فلا يظهر لنا ما يمنع البيع في هذه الحالة، ويكون إثم الربا على المشتري والقائمين على البنك، أما البائع فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>