للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يقترض بالربا ليدفع مصاريف المحكمة ويأخذ حقه؟

[السُّؤَالُ]

ـ[مات أبي وترك من حطام الدنيا ما يقدر بحوالي ٢٠٠ ألف دولار وترك من الورثة زوجة وابنين وبنت قام الابن الأكبر الذي هو أخي بالاستحواذ على التركة مستغلا جهل الأم والأخت بحقوقهما وعندما طالبته بحقي تماطل وامتنع، وقد حاولت معه أكثر من مرة بالحسنى فرفض ولم يبق لي بد من الذهاب إلى المحكمة لكن المشكلة هي أن المحاكم في هذه البلاد ترفض النظر في مثل هذه القضايا حتى تأخذ المصاريف مقدماً وتقدر مصاريف الدعوى بحوالي ٢٠٠٠ دولار وهو مبلغ تعذر علي توفيره ولم أجد من يقرضني إلا بالربا، فهل هذه ضرورة للاقتراض بالربا؟ علماً أن أختي مطلقة وهي أم لطفلين وتعمل في مصنع لإعالتهما، والوقت ليس في صالحي، قد يقوم أخي بالتزوير أو ما شابه إن أنا تأخرت، أنا الآن مخير بين أمرين: أن أسكت أو أقترض بالربا.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

التعامل بالربا قرضا أو اقتراضا محرم تحريما شديدا، وفيه من الوعيد ما لم يأت في غيره من الذنوب، وحسبك من ذلك أن آكل الربا وموكله ملعونان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فيجب عليك أولاً أن تبحث عن بديل مباح توفر به هذا المال، كالتعامل بالتورق، وهو شراء سلعة بثمن مقسط أو مؤجل، ثم بيعها على طرف آخر بثمن أقل نقداً، كأن تشتريها ب ٢٥٠٠، ثم تبيعها ب ٢٠٠٠، أو الاشتراك فيما يسمى بجمعية الموظفين، فيدفع كل مشترك مبلغا من المال، ويدفع المجموع لأحدهم في نهاية كل شهر.

أو تبيع شيئا من ممتلكاتك، أو ترهنه وتأخذ قرضاً.... ونحو ذلك.

فإن ضاقت بك السبل ولم تجد أي طريق مباح لتحصيل حقك، فإن الربا كغيره من المحرمات يباح للضرورة، قال الله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْه) الأنعام/١١٩.

ولكن ما معنى الضرورة؟ معناها أن تصل إلى حد لا تجد ما تأكله أو تلبسه أو أجرة سكنك إن لم تأخذ هذا المال، كالضرورة التي تبيح أكل الميتة، وهو خوف الهلاك إن لم يأكل.

قال الزركشي رحمه الله: " فالضرورة: بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب كالمضطر للأكل واللبس، بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم" انتهى.

انتهى من "المنثور في القواعد" (٢/٣١٩) .

وينظر جواب السؤال رقم (٩٤٨٢٣) ورقم (٨٥١٩٧) .

وعليه: فإذا لم تكن مضطرا للمال ضرورة لا يمكن تجاوزها، لم يجز لك الاقتراض بالربا لأجل تحصيل هذا المال.

نسأل الله تعالى أن يفرج كربك ويقضي حاجتك.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>