للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ماذا يفعل بالجائزة التي ربحها من البنك؟

[السُّؤَالُ]

ـ[من ربح جائزة من بنك وكان حسابه " توفير " وبدون فائدة والجائزة هي سيارة , هل حلال أم حرام؟ وماذا يفعل من ربح وكيف يتصرف بهذه السيارة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

إذا كان البنك ربويا، فإنه لا يجوز الإيداع فيه إلا عند الضرورة، كأن يخاف على ماله، ولا يوجد بنك إسلامي، أو محل لحفظ النقود في بلده، فيجوز الإيداع حينئذ بلا فوائد.

جاء في قرار مجمع الفقه برابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة سنة ١٤٠٦ هـ ما يلي: " يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام " انتهى. نقلا عن "حكم ودائع البنوك" للدكتور علي السالوس ص (١٣٦) .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٣٤٦) : " لا يجوز إيداع النقود ونحوها في البنوك الربوية ونحوها من المصارف والمؤسسات الربوية، سواء كان إيداعها بفوائد أو بدون فوائد؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ، إلا إذا خيف عليها من الضياع، بسرقة أو غصب أو نحوهما، ولم يجد طريقا لحفظها إلا إيداعها في بنوك ربوية مثلا، فيرخص له في إيداعها في البنوك ونحوها من المصارف الربوية بدون فوائد , محافظةً عليها؛ لما في ذلك من ارتكاب أخف المحظورين " انتهى.

ثانيا:

تلجأ بعض البنوك والمؤسسات الربوية إلى الحيلة، ليروج أمرها على الناس، فلا تعلن عن فوائد ربوية، وإنما تضع جوائز، يتم السحب عليها أو تُوزع بالقرعة في نهاية السنة أو كل ستة أشهر، ويكثر تداول هذه الطريقة فيما يسمى بشهادات الادخار أو الاستثمار، وهذه الحيلة لا تجعل الحرام حلالا، فإن البنك لا يوزع الجوائز من ماله، وإنما هي فوائد الربا، يوزعها بهذه الطريقة، بدلا من توزيعها على جميع العملاء، وهي طريقة تجمع بين الربا والميسر.

قال الدكتور علي السالوس في كتابه: "معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام" ص (٣٨) : " وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافا ثلاثة، فجعل الأولى غير الثانية بقصد جذب أكبر عدد ممكن، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا خطوة أبعد، فجاء إلى مجموع الربا، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة لتشمل عددا أقل بكثير جدا من عدد المقرضين، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق القرعة! وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضئيل يأخذ آلاف الجنيهات، على حين نجد صاحب الآلاف قد لا يأخذ شيئا. فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيبَ مجموعةٍ كبيرة غيره، والثاني ذهب نصيبه لغيره، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون، يخرج هذا فرحا بما أصاب، ويحزن ذلك لما فاته، وهكذا في انتظار مرة تالية، أليس هذا هو القمار؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا! فمن لم يُغره نصيبه من الربا في المجموعتين، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة ... ألا يمكن إذن أن تكون المجموعة (ج) أسوأ من أختيها؟ " انتهى.

وسئل علماء اللجنة الدائمة: بعض البنوك التجارية تقوم بوضع جوائز مثل: سيارات أو بيوت جاهزة لمن يفتح في البنك حساب توفير لحفظ أمواله، وتعمل قرعة بين زبائن البنك، ثم يفوز بالجائزة أحد الزبائن. فما حكم هذه الجائزة سواء كانت عينية أو مادية؟

فأجابوا: " إذا كان الأمر كما ذكر، فإن هذه الجوائز غير جائزة؛ لأنها فوائد ربوية مقابل إيداع الأموال في البنوك الربوية، وتغيير الأسماء لا يغير الحقائق " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٥/١٩٦) .

ثالثا:

إذا تقرر أن هذه الجوائز التي يوزعها البنك الربوي هي عين الفائدة الربوية، فإن من أخذ شيئاً منها وجب عليه أن يتخلص منه بإنفاقه في وجوه البر، مع ضرورة سحب الأموال من البنك الربوي إلا في حالة الضرورة التي سبق بيانها.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٣٥٤) : " الفوائد الربوية من الأموال المحرمة، قال تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) ، وعلى من وقع تحت يده شيء منها التخلص منها بإنفاقها فيما ينفع المسلمين، ومن ذلك: إنشاء الطرق , وبناء المدارس , وإعطاؤها الفقراء ... " انتهى.

رابعاً:

الأموال التي تودع في البنوك , ويسمونها "ودائع" أو "حساب جاري" أو غير ذلك من الأسماء , هي في حقيقتها قرض من صاحب المال للبنك , وإذا كان الأمر كذلك , فلا يجوز لصاحب القرض أن يأخذ من المقترض أي منفعة مقابل القرض , فقد أجمع العلماء على أن كل قرض جَرَّ نفعاً فهو محرم.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٦/٤٣٦) :

" وكل قرض شرط فيه أن يزيده , فهو حرام , بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك , أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب , وابن عباس , وابن مسعود , أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>