للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقرضهم دولارات على أن يشتروا منها دولارات عند السداد

[السُّؤَالُ]

ـ[السؤال: يوجد شخص صاحب محل (صيرفة) ، ويتعامل مع عدد من المحلات التي تبيع المواد الغذائية، أو الأثاث، يتعامل معهم بالشكل التالي: يقوم بإعطائهم مبلغ مثلاً ١٠٠٠٠ آلاف دولار، ويقوم صاحب المحل بشراء بضاعته، وبعد تصريف البضاعة بالعملة المحلية وهي الدينار العراقي يقوم صاحب المحل بشراء دولارات من نفس صاحب مكتب الصيرفة الذي أعطاه ١٠٠٠٠ آلاف دولار بالسعر السائد، وبعدها يقوم صاحب المحل بتسديد المبلغ بالدولار الذي عليه، فهل يجوز؟ أرجو الإجابة لأنه يوجد كثير من الناس لا يعرفون ما يعملون.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

هذه المعاملة محرمة، لأن حقيقتها أن الصيرفي أقرض التاجر ١٠٠٠٠ دولار، بشرط أن يقوم التاجر عند السداد بشراء الدولارات من الصيرفي.

والمقصود من القرض هو الإحسان إلى المقترض ومساعدته، فلا يجوز للمقرض أن يجعل القرض وسيلة إلى انتفاعه هو، ولهذا حرم الشرع على المقرض أن ينتفع من المقترض بشيء مقابل القرض، فمن القواعد التي اتفق عليها العلماء: أن كل قرض جَرَّ منفعة إلى المقرض فهو حرام وربا.

جاء في " الموسوعة الفقهية " (٣ / ٢٦٥، ٢٦٦) :

"إنّ انتفاع الدّائن من عمليّة الاستدانة إمّا أن يتمّ بشرطٍ في العقد، أو بغير شرطٍ، فإن كان بشرطٍ فهو حرامٌ بلا خلافٍ، قال ابن المنذر: أجمعوا على أنّ المسلف - أي الدّائن - إذا شرط على المستلف زيادةً أو هديّةً، فأسلف على ذلك، أنّ أخذ الزّيادة على ذلك رباً، وقد روى عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (كلّ قرضٍ جرّ منفعةً فهو رباً) وهو وإن كان ضعيف السّند إلاّ أنّه صحيحٌ معنًى، وروي عن أبيّ بن كعبٍ، وعبد الله بن عبّاسٍ، وعبد الله بن مسعودٍ، أنّهم نهوا عن كلّ قرضٍ جرّ منفعةً للمقرض.

أمّا إن كانت المنفعة الّتي حصل عليها الدّائن من المدين غير مشروطةٍ، فيجوز ذلك عند جمهور الفقهاء: الحنفيّة، والشّافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة" انتهى.

ولهذا أيضاً نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين السلف والبيع، لأن المسلف (المقرض) يتخذ القرض وسيلة لترويج بضاعته، أو رفع السعر على المشتري، فيدخل فيما سبق، وهو القرض الذي جر منفعة على المقرض.

فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ) رواه الترمذي (١٢٣٤) وأبو داود (٣٥٠٤) والنسائي (٤٦١١) ، وصححه الترمذي وابن عبد البر والألباني.

" التمهيد " (٢٤ / ٣٨٤) .

وقال ابن قدامة رحمه الله:

"وإن شرط في القرض أن يؤجره داره، أو يبيعه شيئاً، أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى: لم يجز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع وسلف) " انتهى.

" المغني " (٤ / ٣٥٥) .

وقال ابن هبيرة في " الإفصاح " (١ / ٣٦١، ٣٦٢) :

"واختلفوا فيما إذا اقترض رجل من آخر قرضاً، فهل يجوز له أن ينتفع من جانبه بمنفعة لم تجر بها عادة، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لا يجوز , وهو حرام، وقال الشافعي: إذا لم يشترط: جاز، واتفقوا على تحريم ذلك مع اشتراطه , وأنه لا يحل ولا يسوغ بوجه ما" انتهى.

فهذه المعاملة جمعت بين السلف والبيع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، لما يفضي إليه ذلك من انتفاع المقرض بالقرض، وذلك ربا.

فعلى الصيارفة والتجار أن يكفوا عن هذه المعاملة المحرمة، فإما أن يكون القرض حسناً، يبتغي به المقرض وجه الله، لا الاستفادة في الدنيا، وإن أراد المقرض الربح الدنيوي -وهو جائز- فليكن ذلك بطرق مباحة، كما لو دخل شريكاً بهذا المال مع التاجر، ويكون له نسبة من الربح.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>