للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم بيع الصحف

[السُّؤَالُ]

ـ[أقيم في دولة أوروبية , هل يجوز لي أن أعمل بتوزيع الجرائد على المنازل، علما أنه قد تكون في هذه الجرائد صور للنساء أو ما شابه ذلك من أخبار أخرى مخالفة لشريعتنا، مع أنني لا أقرأها ولا أنظر ما بداخلها؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الصحف والمجلات ونحوها من المنشورات تنقسم إلى أقسام ثلاثة:

الأول: صحف ومجلات تنشر الخير والفضيلة، وتنضبط بضوابط الشرع فيما تنشر وتُعلِن، ولا تحتوي على شيء من المنكرات الظاهرة، فهذه يجوز بيعها وشراؤها وتوزيعها باتفاق أهل العلم.

الثاني: صحف ومجلات تنشر الشر والرذيلة، ولا تراعي خُلُقًا ولا شريعةً ولا ذوقا، فتمتلئ صفحاتها بصور النساء المتبرجات، وتفيض مقالاتها بالدعوة إلى المعصية أو الفكر المسموم، وتغلب عليها رائحة الفسق والفجور، مثل صحف المجون والخلاعة الفاضحة، والمجلات التي تتخصص بالحديث عما يسمونهم بالفنانين والفنانات، وكذا ما يسمونه بـ " عالم المرأة "، و " عالم الأزياء "، وكذا الصحف التي يشرف عليها أصحاب الأفكار المسمومة التي تطعن في الدين، وتستهزئ بالشريعة، فمثل هذه الصحف والمجلات لا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا توزيعها، بل يجب الإنكار على كل من يعمل فيها ويساعد على نشرها.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:

الصحف التي بهذه المثابة: من نشر الصور الخليعة، أو سب الدعاة، أو التثبيط عن الدعوة، أو نشر المقالات الإلحادية، أو ما شابه ذلك: الصحف التي هذا شأنها يجب أن تقاطع، وأن لا تشترى، ويجب على الدولة إذا كانت إسلامية أن تمنعها؛ لأن هذه تضر المجتمع وتضر المسلمين، فالواجب على المسلم ألا يشتريها، وأن لا يروجها، وأن يدعو إلى تركها، ويرغب في عدم اقتنائها وعدم شرائها، وعلى المسؤولين الذي يستطيعون منعها أن يمنعوها، أو يوجهوها إلى الخير، حتى تدع الشر وتستقيم على الخير.

" مجموع الفتاوى " (٨ / ١٧٦) .

وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:

يوجد مجلات - نسأل الله العافية - تنشر العهر والفساد، إما بكلماتها النابية، وإما بصورها الخليعة، ولا يحل لإنسان استرعاه الله تعالى على أهله أن يبقي هذه الصحف في بيته أبداً، يجب عليه أن يحاربها محاربة الأسد للشاة، بل يجب أن يحاربها محاربة الماء للنار، وأن يمزقها وأولاده يشاهدون؛ حتى يعلموا أنها حرام وباطلة، أما أن يأتي بها إليهم أو يراهم يشترونها ويقرهم فهذا والله ما رعاهم حق رعايتهم، ولا أحسن الرعاية لهم.

ثم إن من العجب أن هذه المجلات التي ترد أو الصحف وفيها ما يدمر الأخلاق والعقائد يشتريها الناس بأموالهم، وهل هناك ضياع للمال أكثر من هذا؟!!

لو أن الإنسان مشى في السوق وجعل ينثر الدراهم لكان ذلك خيراً من أن يشتري هذه المجلات ويعطيها أولاده؛ لأنه بهذه المجلات فعل محرماً، وأعان على باطل، وأفسد أخلاق أهله، لكن لو كان ينثر الدراهم في السوق ربما يأخذها مسكين وينتفع بها.

فعلينا - أيها الإخوة - أن ينصح بعضنا بعضاً عن هذه المجلات الخليعة.

" اللقاء الشهري " (لقاء رقم ٣٩، سؤال رقم ٦) .

وجاء في " فتاوى الشيخ عبد الكريم الخضير " (٣٠) :

العمل في مثل هذه الصحف والمجلات التي يغلب عليها الحرام لا يجوز، والدخل الناشئ عن هذا العمل حرام أيضا؛ لأن الله سبحانه إذا حرم شيئا حرم ثمنه. ويحرم أيضا ترويجها وقراءتها وشراؤها وبيعها، وكل ما يتعلق بها، بل تجب مقاطعتها. انتهى.

القسم الثالث: الصحف والمجلات التي يغلب عليها المباح، كالأخبار المحلية والدولية، وبعض المقالات الفكرية والسياسية، وبعض الصفحات العلمية وأمور مباحة أخرى، ولكن لا تخلو من بعض صور النساء المتبرجات، أو شيء من مقالات التحرر أو الفكر السقيم، إلا أن الغالب هو المباح، فلا بأس من بيعها وشرائها وتوزيعها ترجيحا لجانب الإباحة، على أن يحرص من يقرؤها على التخلص مما فيها من صور محرمة، إما بتمزيقها أو عدم النظر إليها، وعلى أن يحرص الجميع على مناصحة أهلها والقائمين عليها لتنقية صفحاتها من كل شيء محرم.

سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:

عن حكم بيع الصحف المحلية التي تصدر من هنا – أي: من السعودية -؟ .

فأجاب:

أنا لا أرى فيها بأساً إلا إذا كان فيها أفكار سيئة، أو صور خليعة.

السائل نفسه: فيها أخبار الرياضة والفن والغناء والدعاية لها؟ .

الشيخ: هذه اتركها لا تشترِها.

السائل: المجلة لا بد أن يكون لها ملحق يومي عن هذا الموضوع.

الشيخ: والله! أنا لا أدري، أنا أرى أن عدم اطلاع الإنسان على ما يكون في العالم يعتبر نقصاً، فالأولى أن يقال: إذا كنت تحب أن تطلع على أخبار العالم اشتر هذا؛ لأن أكثرها غير الذي أنت تقول، وهذا مزقه.

السائل: السؤال - يا شيخ - عن بيعها - صاحب محل يسأل -: هل يبيع مثلاً " الجزيرة " و " الرياض " و " عكاظ " وغير ذلك؟ .

الشيخ: إذا جاز شراؤها جاز بيعها؛ لأن البيع عقد بين اثنين.

" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم ٩٩، سؤال رقم ٩) .

ويقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه اله -:

المجلات الإسلامية التي فيها الصور: من تمام الإيمان ألا يجعل الإنسان مجلته كلها صوراً، هناك مجلات معروفة: مجلات صور، مجلات أزياء، هذه لا يجوز بيعها، ولا شراؤها، ولا اقتناؤها، وهناك مجلات المقصود فيها ما فيها من أخبار والكلمات لكن يوجد – مثلاًَ - صورة المتكلم، أو صورة الكاتب، أو صورة مشهد، هذه ليست حراماً، ولكن هل يجوز أن تقتنيها أو لا بد أن تطمس على وجه كل أحد، الظاهر أنه لا يجب أن تطمس على وجه كل أحد؛ لأنه غير مقصود , والإنسان الذي يشتري – مثلاً - صحيفة من الصحائف فهذا لا يريد الصورة إطلاقاً، ففرق بين مجلات أو صحف أُعِدَّت للتصوير، وبين مجلات أعدت لغير التصوير، لكن فيها صور، الأولى: حرام بيعها، وشراؤها، واقتناؤها. والثانية: لا يحرم ذلك.

" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم ١٣٢، سؤال رقم ١٦) .

ويقول الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله -:

فأما المجلات: فإذا كانت خليعة تدعو إلى التهتك والفجور: فحرام بيعها، وربحها، وتعاطي التجارة فيها.

فإن كانت الصور التي بها عادية، وهي خالية عن الدعارة والفساد: فلا بأس ببيعها، ويكون البيع والثمن لما فيها من العلوم والفوائد والكلام المباح، وتكون الصور غير مقصودة لكم.

" فتاوى إسلامية " (٢ / ٣٧٢) .

والذي يظهر لنا ـ بعد سؤال بعض المقيمين في الدول الأوروبية ـ أن الصحف في تلك البلاد هي من القسم الثاني، لما تحتويه من الطعن في الإسلام، وتشويه صورة المسلمين، والدعاية لبيوت الدعارة والملاهي، والخمر وصالات القمار.

فالنصيحة لك أن تترك هذا العمل، وتبحث عن عمل مباح ولو كان أقل أجراً.

نسأل الله تعالى أن يكفينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>