للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحريم بيع الكلب

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم بيع الكلاب وشرائها؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

سبق في جواب السؤال (٦٩٧٧٧) بيان تحريم اقتناء الكلاب، وأن من اقتنى كلبا نقص من أجره كل يوم قيراطان، إلا كلب الصيد وحراسة الماشية وحراسة الزرع، فإنه يجوز اقتناؤها.

ثانياً:

وأما بيع الكلاب، فبيعها حرام، ولو كان الكلب مما يجوز اقتناؤه.

وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في النهي عن بيع الكلاب، وهي بعمومها تشمل جميع الكلاب، ما يجوز اقتناؤه، وما لا يجوز. فمن هذه الأحاديث:

١- روى البخاري (١٩٤٤) عن أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.

٢- وروى البخاري (٢٠٨٣) ومسلم (٢٩٣٠) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.

٣- وروى أبو داود (٣٠٢١) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ فَامْلأْ كَفَّهُ تُرَابًا) قال الحافظ: إسناده صحيح. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

٤- وروى أبو داود (٣٠٢٣) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ، وَلا حُلْوَانُ الْكَاهِنِ، وَلا مَهْرُ الْبَغِيِّ) قال الحافظ: إسناده حسن. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

قال النووي في "شرح مسلم":

" وَأَمَّا النَّهْي عَنْ ثَمَن الْكَلْب وَكَوْنه مِنْ شَرّ الْكَسْب وَكَوْنه خَبِيثًا فَيَدُلّ عَلَى تَحْرِيم بَيْعه , وَأَنَّهُ لا يَصِحّ بَيْعه , وَلا يَحِلّ ثَمَنه , وَلا قِيمَة عَلَى مُتْلِفه سَوَاء كَانَ مُعَلَّمًا أَمْ لا , وَسَوَاء كَانَ مِمَّا يَجُوز اِقْتِنَاؤُهُ أَمْ لا , وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَرَبِيعَة وَالأَوْزَاعِيّ وَالْحَكَم وَحَمَّاد وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذِر وَغَيْرهمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: يَصِحّ بَيْع الْكِلاب الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَة , وَتَجِب الْقِيمَة عَلَى مُتْلِفهَا. وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ جَابِر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ جَوَاز بَيْع كَلْب الصَّيْد دُون غَيْره. . . ودَلِيل الْجُمْهُور هَذِهِ الأَحَادِيث " انتهى.

وقال الحافظ:

" ظَاهِر النَّهْي تَحْرِيم بَيْعه , وَهُوَ عَامّ فِي كُلّ كَلْب مُعَلَّمًا كَانَ أَوْ غَيْره مِمَّا يَجُوز اِقْتِنَاؤُهُ أَوْ لا يَجُوز , وَمِنْ لازِم ذَلِكَ أَنْ لا قِيمَة عَلَى مُتْلِفه , وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُور " انتهى.

وقال ابن قدامة في "المغني":

" لا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ بَيْعَ الْكَلْبِ بَاطِلٌ , أَيَّ كَلْبٍ كَانَ " انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٣٦) :

" لا يجوز بيع الكلاب، ولا يحل ثمنها، سواء كانت كلاب حراسة أو صيد أو غير ذلك، لما روى أبو مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن) متفق على صحته " انتهى.

وقال الشيخ ابن باز:

"بيع الكلب باطل" انتهى.

"مجموع فتاوى ابن باز" (١٩/٣٩) .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (٨/٩٠) :

" لا يجوز بيع الكلب، حتى لو باعه للصيد، فإنه لا يجوز " انتهى بتصرف.

ثانياً:

استدل من أجاز بيع كلب الصيد بما رواه النسائي (٤٥٨٩) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ إِلا كَلْبِ صَيْدٍ) .

وهذا الاستثناء في الحديث: (إِلا كَلْبِ صَيْدٍ) ضعيف.

َالَ النسائي بعد روايته للحديث: هَذَا مُنْكَرٌ.

وقال السندي في "حاشية النسائي": ضعيف باتفاق المحدثين.

وقال النووي في "شرح مسلم":

" وَأَمَّا الأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَنْ ثَمَن الْكَلْب إِلا كَلْب صَيْد , وَأَنَّ عُثْمَان غَرَّمَ إِنْسَانًا ثَمَن كَلْب قَتَلَهُ عِشْرِينَ بَعِيرًا , وَعَنْ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاصِ التَّغْرِيم فِي إِتْلافه فَكُلّهَا ضَعِيفَة بِاتِّفَاقِ أَئِمَّة الْحَدِيث " انتهى.

ثالثاً:

إذا احتاج إلى الكلب للصيد أو الحراسة ولم يجد أحداً يعطيه إياه إلا بالبيع، جاز له أن يشتريه، ويكون الإثم على البائع، لأنه باع ما لا يجوز له بيعه.

قال ابن حزم في "المحلى" (٧/٤٩٣) :

" وَلا يَحِلُّ بَيْعُ كَلْبٍ أَصْلا , لا كَلْبَ صَيْدٍ وَلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ , وَلا غَيْرَهُمَا , فَإِنْ اضْطُرَّ إلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعْطِيه إيَّاهُ فَلَهُ ابْتِيَاعُهُ , وَهُوَ حَلالٌ لِلْمُشْتَرِي حَرَامٌ عَلَى الْبَائِعِ، يَنْتَزِعُ مِنْهُ الثَّمَنَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ , كَالرِّشْوَةِ فِي دَفْعِ الظُّلْمِ , وَفِدَاءِ الأَسِيرِ , وَمُصَانَعَةِ الظَّالِمِ وَلا فَرْقَ " انتهى.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>