للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أوصى والدهم بوقف ولم ينفذوه

[السُّؤَالُ]

ـ[توفي والدي وترك للورثة أملاكاً إلا داراً واحدة حيث أوصى بجعلها وقفاً لله، وصرف إيجارها للفقراء والمحتاجين (كصدقة جارية) . لكن الورثة لم يعملوا بالوصية وباعوا حصصهم للأخ الأصغر، أما أنا الأخ الكبير فلم أبع حصتي خوفاً من الله تعالى، ولكن أخي الصغير يلح كثيراً عليَّ ويريد أن أبيعه حصتي أيضاً، فهل يجوز لي لأتخلص من هذه المشكلة أن أبيع حصتي وأن أدفع مبلغها إلى جهة خيرية أو لبناء مسجد (كصدقة جارية) لوالدي المرحوم؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الوصية مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة/١٨٠.

وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ) رواه ابن ماجه (٢٧٠٩) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.

والوقف من أنواع الصدقة الجارية التي ينتفع بها الإنسان بعد موته، كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم (١٦٣١) .

ولا تجوز الوصية بأكثر من ثلث المال، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما أراد أن يوصي بماله كله: (الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) رواه البخاري (٢٧٤٢) ومسلم (١٦٢٨) .

فإذا كانت هذه الدار ثلث التركة أو أقل فهي كلها وقف، وإن كانت أكثر من الثلث، فالوقف منها ما يعادل ثلث التركة.

ثانياً:

الوقف لا يجوز بيعه، ولا تملكه والاستيلاء عليه. ولا يجوز للورثة إدخاله في التركة، وتقسيمه مع الميراث.

ففي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما أراد أن يوقف أرضاً بخيبر قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلا يُوهَبُ، وَلا يُورَثُ. . . الحديث) رواه البخاري (٢٧٦٤) ومسلم (١٦٣٣) .

فعلى هذا، لا يجوز لك أن توافق أخيك على بيعها له - بل هذه الدار ليست ملكاً لك حتى تبيعها - وأنت الآن عقبة أمامهم فلا تتنازل، واستمر على الرفض، لعل الله أن يهديهم.

وبيع إخوتك لها من قبل لا يصح.

وعليك بنصحهم بتقوى الله تعالى، ويعيدوا ثمنها إلى أخيك الأصغر ويجعلوها وقفاً كما أوصى بذلك والدكم.

وخوِّفهم من عذاب الله تعالى، وعاقبة أكل المال الحرام، فإن كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به.

نسأل الله تعالى أن يهديكم ويوفقكم لما فيه خيركم في الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>