للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنواع الودائع المصرفية وحكمها

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم عمل وديعة في بنك إسلامي مثل بنك فيصل الإسلامي؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الوديعة هي ما يترك عند الغير لحفظه، دون أن يتصرف فيه، وهذا ينطبق على ما يسمى بصندوق الأمانات الذي يوجد في الفنادق وغيرها، وربما وجد في بعض البنوك.

وأما يسمى بالوديعة البنكية، فهو خارج عن هذا المفهوم؛ لأن البنك لا يحتفظ بعين المال بل يتصرف فيه.

هذا من حيث الاسم، وأما من حيث الحكم، فالوديعة البنكية نوعان:

الأول: وديعة غير استثمارية، وتسمى وديعة تحت الطلب، أو يطلق عليها الحساب الجاري، وصفتها أن يضع العميل ماله في البنك، على أن يسحبه متى شاء، دون أن يجني ربحا من وراء ذلك، ولا حرج في هذه العملية لأنها في حقيقتها قرض من العميل للبنك. لكن إذا كان البنك ربوياً لم يجز الإيداع فيه؛ لأنه يستفيد من هذا المال ويتقوى به على أنشطته المحرمة.

إلا إذا كان العميل محتاجاً لحفظ ماله في البنك، ولا يجد بنكاً إسلامياً يحفظ فيه ماله، فلا حرج عليه من حفظه في بنك ربوي.

وانظر جواب السؤال رقم (٢٢٣٩٢) .

والنوع الثاني: الوديعة الاستثمارية، وصفتها أن يضع العميل ماله في البنك، في مقابل أرباح يحصل عليها في مدد معينة يتم الاتفاق عليها.

وهذه الوديعة لها صور، منها الجائز ومنها المحرم.

فمن الصور الجائزة أن يكون العقد بين العميل والبنك عقد مضاربة، فيقوم البنك باستثمار المال في مشاريع مباحة، مقابل نسبة معلومة من الربح، ويشترط لهذا شروط:

١- أن يستثمر البنك المال في أعمال مباحة، كإقامة المشاريع النافعة وبناء المساكن وغير ذلك. ولا يجوز استثمار المال في بناء بنوك الربا أو دور السينما أو في إقراض المحتاجين بالربا.

وعليه؛ فلابد من معرفة طبيعة الاستثمار الذي يقوم به البنك.

٢- عدم ضمان رأس المال، فلا يلتزم البنك برد رأس المال في حال خسارة البنك، ما لم يحصل من البنك تقصير ويكون هو السبب في الخسارة.

لأنه إذا كان رأس المال مضموناً، فهذا عقد قرض في الحقيقة وما جاء منه من فوائد يعتبر رباً.

٣- أن يكون الربح محددا متفقا عليه من البداية، لكنه يحدد كنسبة شائعة من الربح وليس من رأس المال، فيكون لأحدهما مثلا الثلث أو النصف أو ٢٠% من الأرباح، ويكون الباقي للطرف الآخر. ولا يصح العقد إن كان الربح مجهولاً غير محدد، وقد نص الفقهاء على أن المضاربة تفسد في حال جهالة نسبة الربح.

ومن الصور المحرمة:

١- أن يكون رأس المال مضموناً، فيودع العميل ١٠٠ مثلا، ليحصل على فائدة قدرها ١٠، مع ضمان المائة، وهذا قرض ربوي، وهو المعمول به في أكثر البنوك.

وقد يسمى وديعة، أو شهادة استثمار، أو دفتر توفير، وقد توزع الفوائد دوريا، أو بالقرعة، كما في شهادات الاستثمار من الفئة (ج) ، وكل ذلك محرم، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٩٨١٥٢) ورقم (٩٧٨٩٦) .

٢- أن يستثمر البنك المال في مشاريع محرمة كبناء دور السينما والقرى السياحية، التي تشيع فيها المنكرات، وتكثر فيها الآثام، فيحرم الاستثمار في هذا البنك حينئذ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعداون.

فهذا حاصل ما يقال في الودائع التي تتعامل بها البنوك.

وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يلي:

" أولاً: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها، هو ملزم شرعا بالرد عند الطلب.

ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) ، مليئاً.

ثانياً: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي:

أ - الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة، سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) ، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير.

ب - الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة (القراض) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة " انتهى من "مجلة مجمع الفقه" عدد ٩ جزء ١ صفحة (٩٣١) .

وبنك فيصل إن كان يلتزم بهذه الضوابط، من استثمار المال في مشاريع مباحة، وعدم ضمان رأس المال للعميل، والاتفاق معه على نسبة معلومة من الربح، فلا حرج في الإيداع فيه وديعة استثمارية، كما لا حرج في فتح الحساب الجاري فيه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>