للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم إنشاء صحيفة إعلانات

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو حكم صنع جريدة خاصة بالإعلانات التجارية، مثل: طلب عمل، بيع شقق، بيع سيارات، التعريف ببعض المؤسسات ... إلخ، وإعلانات تجارية لبعض المؤسسات؟ وإذا كان الأمر جائزاً فما هي الضوابط الشرعية التي يجب الالتزام بها مثلا في اختيار المؤسسات والإعلانات ونوعها؟ والضوابط في أخذ مال من الشركات، أو من الراغبين في وضع إعلان في الجريدة؟ مع العلم أني سأكون أنا المشرف عليها مع بعض أصحابي، بحيث يمكننا اختيار الإعلانات التي توضع في الجريدة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

تنتشر المخالفات الشرعية في كثير من الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية، وقد بينَّا بعض هذه المخالفات، وحكم العمل في تلك الصحف، وحكم بيعها في جوابي السؤالين (٨٩٧٣٧) و (٨٢٧٠٤) ، فلينظرا.

وأما بخصوص الصحف الخاصة بنشر الإعلانات: فإن الأصل في إنشائها وتوزيعها الحل والإباحة، لكنَّ هذه الإباحة لها ضوابط وشروط، ويجمعها: تجنب الإعلانات المخالفة للشرع، ومن ذلك:

١. تجنب إعلانات السياحة والفساد.

والإعلان عن أماكن السياحة التي يوجد فيها محرمات مثل الخمور والاختلاط وكشف العورات على الشواطئ والملاعب: كل ذلك يدخل في التعاون على الإثم والعدوان، ويدخل في حب إشاعة الفاحشة.

قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/٢.

وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النور/١٩.

٢. تجنب إعلانات مؤسسات الربا والميسر والكسب المحرَّم، مثل الدعاية والإعلان للبنوك الربوية، وشركات التأمين، ومصانع ومحلات تبيع المنكرات.

٣. تحنب إعلانات الأعياد البدعية والمشابهة للكفار، كالإعلان عن الاحتفال بالمولد النبوي، أو ليلة النصف من شعبان، أو الإعلان عن أعياد ميلاد الأشخاص.

٤. تجنب وضع صور النساء، وصور ذوات الأرواح المرسومة باليد.

٥. تجنب الإعلانات عن مؤتمرات تعقد فيها ندوات تخالف الشرع أو تحاربه.

٦. تجنب إعلانات المدح والثناء للميت، وخاصة إن كان غير مسلم.

وهذه بعض الفتاوى في الإعلان عن بعض تلك المحاذير:

١. سئل علماء اللجنة الدائمة:

من الناس من يعمل في توزيع الإعلانات على البيوت، أي: يضع الإعلان أمام الباب، هذه الإعلانات كل محل له ورقة منفصلة، فهناك إعلانات عن محل لبيع الأحذية، ومحل لبيع الموبيليا، ولكن هناك إعلانات عن محلات المواد الغذائية، وهذا إعلان يعرض معظم ما لديه، فيعرض بجانب السكر والأرز يعرض الخمور، أو يعرض لحوم البقر والخرفان، ولحوم الخنزير، فما الحكم في توزيع هذه الإعلانات؟ بعض الناس يوزعون الإعلانات التي تحتوي على مواد غذائية، أما الإعلانات التي يكون داخل فيها الخمر والخنزير فيلقونها في الزبالة بدون أن يدري صاحب الإعلان، ولكن يحاسبونه عليه اعتبارا أنه وزعها، فما حكم المال؟ بعض علماء أوربا قالوا: إن الخمر والخنزير حلال في شريعة هؤلاء، فهل معنى ذلك أننا نعمل في محلات الخمر والخنزير، فما رد فضيلتكم على هذا الكلام؟

فأجابوا:

"يحرم على المسلمين بيع الخمر والخنزير، ولا يحل لهم التعاون مع غيرهم في ترويج المحرم: بتسويقه، أو الدعاية له، أو الإعلان عنه، أو إلصاق الإعلانات عنه على المنازل؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله جل شأنه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ، والمبالغ التي يأخذها الأجير مقابل إلصاق الإعلان عن المحرم لا تجوز، ولو رمى الإعلان عن المحرم ولم يلصقه لا يحل له المال؛ لأنه من أكل المال بالباطل" انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٤ / ٤٢٩، ٤٣٠) .

٢. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:

رجل يعمل صحفيّاً في جريدة بمصر ويكتب أخباراً، ويعمل إعلانات يدفعون الأجر فيها تأييداً لمن يحاد الله ورسوله، وبالنسبة للإعلانات يقوم بدور الوسيط بين الجريدة وبين العامة، يذهب للناس (مثلا التجار) يحثهم على عمل إعلانات، فيقومون بدفع الثمن لهذه الإعلانات بمحض اختيارهم، كي تنشر أسماء متاجرهم في الجريدة، وهذا نوع من أنواع الدعاية، ثم يؤيدون فيها الطاغوت، ومن جرَّاء هذا له نسبة معينة من أجر الإعلان، فيأخذ مالاً، فهل هذا المال حلال أم حرام؟ وإذا كان هذا المال حراماً فهل يجوز لي أن آكل منه كابن لهذا الرجل، وكذلك باقي إخوتي؟ علماً بأن له دخلاً آخر من عمل حكومي وظيفي، وهل المال الذي يأخذه من وظيفة الحكومة جائز؟ .

فأجابوا:

"أولاً: العمل من أجل خدمة من يحاد الله ورسوله لا يجوز؛ لأنه تعاون معهم على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عباده عنه بقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) .

ثانياً:

ما كسب من المال بسبب التعاون معهم في شرهم حرام.

ثالثاً: إذا كان مال أبيك الذي كسبه من أجل العمل مع من يحاد الله ورسوله متميزا عما كسبه من وظيفته الأخرى أو غيرها من الطرق المباحة: فلا يجوز لك أن تأكل أنت ولا إخوانك منه، وإن كان غير متميز جاز لك على القول الصحيح من أقوال العلماء أن تأكل منه، وتركه احتياطا أولى، سيما إن كان الحرام هو الأكثر" انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٥ / ١٠٢، ١٠٣) .

٣. وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:

إعلانات التعازي في الصحف والشكر على التعزية والإعلان عن وفاة شخص، ما رأي الشريعة في ذلك؟ .

فأجاب:

"الإعلان في الصحف عن وفاة شخص إذا كان لغرض صحيح وهو أن يعلم الناس بوفاته فيحضروا للصلاة عليه وتشييعه والدعاء له، وليعلم من كان له على الميت دين أو حق حتى يطالب به أو يسامحه: فالإعلان لأجل هذه الأغراض لا بأس به، ولكن لا يبالغ في كيفية نشر الإعلان من احتجاز صفحة كاملة من الصحيفة؛ لأن ذلك يستنفذ مالاً كثيراً لا داعي إليه، ولا تجوز كتابة هذه الآية التي اعتاد كثير من الناس كتابتها في الإعلان عن الوفاة وهي قوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي) الفجر/ ٢٧ - ٣٠؛ لأن هذا فيه تزكية للميت، وحكم بأنه من أهل الجنة، وهذا لا يجوز؛ لأنه تقوُّل على الله سبحانه، وشبه ادعاء لعلم الغيب؛ إذ لا يُحكم لأحد معين بالجنة إلا بدليل من الكتاب والسنة، وإنما يرجى للمؤمن الخير، ولا يجزم له بذلك" انتهى.

" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (٢ / ١٥٩) .

والخلاصة:

أنه ينبغي عليكم تجنب الإعلان والدعاية للمحرمات والمخالفات الشرعية، وما عداه فيجوز لكم الدعاية له والإعلان عنه.

أما أخذ الأموال من الشركات أو الأشخاص الذين يريدون الإعلان عندكم فلا حرج فيه، ما دام الإعلان ليس فيه محرم، وتم العقد بينكم بالتراضي.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>