للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بطاقة الائتمان " أمريكان إكسبريس ": تعريفها، وأنواعها، وأحكامها

[السُّؤَالُ]

ـ[آمل منكم التكرم بإفادتنا في هذه المسألة: أنا مشترك منذ فترة في بطاقة الائتمان المعروفة " أميركان إكسبريس "، وكنت أسدد مستحقات هذه البطاقة بصفة منتظمة، وبالتالي لم يكن لدي أي مشكلات مالية معها، إلى أن حدث وكنت مسافراً لمدة سنة خارج المملكة، واستخرجت بطاقة ائتمان جديدة، فأرسلتُ إلى " الأميركان إكسبريس " طالباً إلغاء مبلغ مستحق - حوالي ٢٥٠ ريالاً - أو إلغاء بطاقتي، ولم أحصل على إجابة منهم، وانشغلت عن متابعة طلبي بحكم مشاغل تواجدي في الخارج، وثقتي بأنهم إما سيلغون البطاقة فلا يتبقى لي سوى المبلغ المذكور لأسدده لهم لاحقاً دون زيادة، أو أنهم سيلغون المبلغ فلا تكون لهم عندي أي مستحقات، إلى أن فوجئت بكشف حساب يصلني منهم قبل شهرين - تقريباً - يطالبني بسداد مستحقات مالية متأخرة عن ذلك المبلغ، والمشكلة أنهم فرضوا عليَّ دفع فوائد على المبلغ المتأخر لبضعة أشهر وصلت إلى حوالي ٥٠٠ ريال! وأنا هنا في حيرة وتساؤل: هل يصح شرعاً دفع المبلغ الزائد الذي يطالبون به كفائدة مقابل تأخيري في سداد المبلغ الأصلي؟ هل يعتبر ذلك رباً؟ وإذا كان جوابكم بنعم ولا يجوز دفع تلك الفائدة لهم: فكيف يكون الإجراء الذي أتخذه؟ علماً بأنهم يتوعدونني في حالة عدم السداد بوضع اسمي في " قائمة الممتنعين عن الدفع " والتي يتم تداولها بين البنوك ومؤسسة النقد السعودي، مما قد يضرني مستقبلاً في تعاملاتي المالية مع هذه الجهات. أرجو إفادتي، وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

بطاقة الائتمان هي بطاقة معدنية أو بلاستيكية ممغنطة، عليها اسم حاملها، وتاريخ إصدارها، وتاريخ نهاية صلاحيتها، ورقم سري لا يعرفه إلا حاملها

وهي مستند يعطيه مُصدِرُه، لشخص طبيعي أو اعتباري - بناء على عقد بينهما - يمكنه من شراء السلع، أو الخدمات ممن يعتمد المستند، دون دفع الثمن حالاً، لتضمنه التزام المُصْدِر بالدفع.

"بطاقة الائتمان" للشيخ بكر أبو زيد (ص ٣، ٤) .

ثانياً:

منظمة: " أمريكان إكسبريس " تمنح تراخيص إصدار ثلاثة أنواع من البطاقات هي:

١. بطاقة أمريكان إكسبريس الخضراء.

٢. بطاقة أمريكان إكسبريس الذهبية.

٣. بطاقة أمريكان إكسبريس الماسية.

وبطاقات هذا النوع الائتمانية يمكن جعلها في قسمين:

القسم الأول: بطاقات الائتمان العادية، ويقال: بطاقة الاعتماد الشهري، أو الخصم الشهري.

وحقيقتها: بطاقة محلية، ودولية، تصدر برسوم اشتراك، ورسوم تجديد، تُمَكِّن حاملَها من استخدامها في المحلات التجارية للشراء، أو تلقي الخدمات في مكاتب الطيران، أو الفنادق، أو المطاعم ... ونحوها.

كما يمكن استخدامها على نحو بطاقة الصراف الآلي للسحب بواسطة الصراف الآلي، أو أنظمة التحويل الإلكتروني، ولا يلزم للحصول عليها وجود حساب لحاملها لدى البنك المُصْدِر لها، بل البنك يقرضه مبلغاً له حد أعلى ويسمى في اصطلاحهم: "الخط الائتماني".

ويطالب البنك - المُصْدِرُ لها - حاملَها بتسديد مسحوباته خلال مدة لا تزيد عن شهر غالباً، وفي حال المماطلة يقوم بالبنك بمطالبته، ويلغي البنك البطاقة، ويرتب عليه فوائد التأخير.

فهذه البطاقة تعتمد العناصر الآتية:

١. لا يلزم لإصدارها وجود حساب للعميل في "بطاقة أمريكان إكسبريس" و"الداينرز كلوب"، وقد تشترط بعض جهات الإصدار ذلك.

٢. يقوم البنك بإقراض العميل - حامل البطاقة - مبلغاً له حد أعلى يسمى: "الخط الائتماني".

٣. يلزم حاملها بالتسديد خلال شهر غالباً.

٤. يلزم حاملها بدفوعات أربعة: رسم الاشتراك، ورسم التجديد، وفوائد الإقراض، والتأخير.

في حال عدم التسديد يطالب قضائيّاً، وتلغى عضوية حاملها أو تسحب منه البطاقة.

القسم الثاني: بطاقات الائتمان القرضية، ويقال: بطاقة الائتمان، أو بطاقة التسديد بالأقساط.

وهذه أقوى البطاقات انتشاراً، وهي آخرها إصداراً، وأكثرها رواجاً، خاصة في الدول الصناعية، والمتحضرة، وينصرف إليها مصطلح: " بطاقة الائتمان " عند الإطلاق.

وحقيقتها مثل: " بطاقة الخصم الشهري " كما تقدم.

لكن تفترق عنها بأن هذه البطاقة يكون التسديد فيها غير محدد بشهر مثلاً، لكنه ديْن متجدد على شكل دفعات، بحيث تعطي العميل - حامل البطاقة - قدرة على استخدامها، ما دام منتظماً بتسديد الفوائد المستحقة عليها شهريّاً، وهي أكثر" البطاقات " فرضاً للفوائد على حاملها، لهذا فهي تغل ربحاً مجزياً لمُصْدِرها.

وهذه البطاقة تعتمد العناصر الآتية:

١. لا يلزم لإصدارها وجود حساب للعميل.

٢. يقوم البنك - المُصْدِرُ لها - بإقراض العميل - حامل البطاقة - مبلغاً له حد أعلى يسمى:

" الخط الائتماني ".

٣. التسديد يكون بالتقسيط على شكل دفعات، وليس محدداً بشهر.

٤. يلزم حاملها بدفوعات أربعة: رسم الاشتراك " العضوية "، ورسوم التجديد، وفوائد الإقراض، وفوائد التأخير.

" بطاقة الائتمان " (ص ٨ – ١١) .

وبعد معرفة طبيعة هذه البطاقة، فالمشاركة فيها حرام؛ لوجود القرض الذي يجر منفعة ربوية؛ ولوجود شرط الغرامة في حال التأخر في السداد إذا انتهت مدة الإمهال.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

هناك بطاقة لتسهيل الأعمال المالية في الدول الغربية، بحيث تجعل الفرد يستغنى عن حمل نقود معه، فبهذه البطاقة يستطيع شراء أي شيء يريد، ثم في آخر كل شهر تأتيه فاتورة بالمبالغ التي صرفها، فيسددها كاملة بدون أي فائدة ربوية، وفي هذه العملية حماية للفرد من سرقة أمواله، ولكن هناك شرط لأخذ هذا الكرت، وهو في حالة التأخر عن تسديد قيمة الفاتورة مدة تزيد عن ٢٥ يوماً: فلهم الحق في أخذ نسبة فائدة ربوية عن كل يوم تأخير، فهل يجوز أخذ هذا الكرت، علماً أنه من الممكن جدّاً تلافي الوقوع في الربا، بتسديد الفاتورة خلال الخمسة والعشرين يوماً، والمعطاة كمهلة للتسديد؟ .

فأجابوا:

"إذا كان الواقع كما ذكر: فلا يجوز التعامل المذكور؛ لما فيه من التعاقد على الربا، والدخول عليه، باشتراط فوائد تدفع زيادة على المبلغ الذي سدده عنه معطي البطاقة في حالة التأخير" انتهى.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٣ / ٥٢٤) .

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

هناك بطاقات ائتمانية تصدرها بعض البنوك، وشركات الصرافة، هذه البطاقة يستفاد منها عند السفر للخارج يسدد بها حساب البنوك، أو بعض المشتريات من الأسواق، فعندما تأتي الفواتير تخصم من حسابه في البنك، أو الشركة، وأحياناً يكون رصيده لا يغطي فيبقى عليه مبالغ للبنك، فالبنك يتحصل عليها فوائد ربوية بنسب معينة، أحياناً تكون عن غير قصد من هذا الشخص فما حكمها؟ وماذا يعمل من حدث له ذلك في السابق؟ .

فأجاب:

"هذه المعاملة حرام؛ لأنها معاملة على التزام الربا، وهو إن كان يدفع قبل أن يحل عليه الربا، لكنه قد دخل على التزام الربا، فهي حرام، ومن وقعت منه وكان هو المستفيد: فالزائد الربوي هذا يتصدق به بنية التخلص منه، وإذا كان هو المظلوم والذي أخذ منه ظالم: فتوبته تكفي؛ لأنه مظلوم وليس بظالم" انتهى.

" لقاءات الباب المفتوح " (١٧ / السؤال رقم ١٩) .

وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله:

"إن " بطاقة الائتمان " بأنواعها: فيزا، أمريكان إكسبريس، ماستركارد، أو غيرها، جميعاً في حقيقتها عقد ربوي، مبني على الاستتار بالبطاقة التي اتفقت أطرافها الثلاثة أو الأربعة على: التعاون على الإثم والعدوان، وأكل الربا، والله سبحانه يقول: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الأنفال/٧١.

وهنا خانوه من قبل بالقرض بالفائدة علناً دون تغليفها " ببطاقة ائتمان ثم غلفوه بما يسمي: "بطاقة الائتمان"، وكلاهما تحايل على انتهاك محارم الله، وقد صب الله غضبه، ولعنته على من استحل محارمه بالحيل من اليهود، فقال سبحانه: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ) المائدة/١٣" انتهى.

" بطاقة الائتمان " للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ص ٢٤) .

رابعاً:

بعد أن علمتَ حكم الاشتراك في البطاقة المسئول عنها: فإنه يلزمك التوبة الصادقة، وبخصوص الغرامات: فإنه لا يجوز لك دفعها لهم؛ لأنها ربا، فإن استطعت التخلص من دفعها: فافعل ذلك، ولا حرج عليك، وإن كان يلحقك ضرر جراء عدم دفعها: فادفعها، واحتسبها عند الله، ونسأل الله أن يعوضك خيراً منها.

وانظر الفتوى في ذلك في جواب السؤال رقم: (٨٢٤) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>