للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل المجاهرة بالمعصية من الكفر المخرج من الملة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل من الكفر اقتراف الذنب جهاراً، وتحدثنا عن فعل المعصية كمشاهدة الأفلام أو استماع الأغاني؟ وهل هذا الحكم ينطبق على صغائر الذنوب وكبائرها؟ .

أرجو أن تهتم بهذا السؤال لأن عدداً من الإخوة والأخوات الحديثي الإسلام يواجهون هذه المشكلة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

مما لا شك فيه أن المجاهرة بالمعاصي والكبائر ذنبٌ فوق الذنب، وقد تؤدي بصاحبها إلى الكفر في حال المجاهرة بها استهانة بتحريمها وافتخاراً بفعلها، ولا فرق بين الصغائر والكبائر في هذا الحكم.

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ".

رواه البخاري (٥٧٢١) ومسلم (٢٩٩٠) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

هناك قسم ثالث فاسق مارد ماجن، يتحدث بالزنى افتخاراً والعياذ بالله، يقول: إنه سافر إلى البلد الفلاني، وإلى البلد الفلاني، وفجر وفعل وزنى بعدة نساء، وما أشبه ذلك، يفتخر بهذا.

هذا يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأن الذي يفتخر بالزنى مقتضى حاله أنه استحل الزنى والعياذ بالله، ومن استحل الزنى فهو كافر. " شرح رياض الصالحين " (١ / ١١٦) .

ولا شك أن المعاصي درجات والإثم يتفاوت فيها بحسب حال العاصي أثناء المعصية وحاله بعدها، فليس المتخفي بمعصيته المستتر بها كالمجاهر، وليس النادم بعدها كالمفتخر بها.

قال ابن القيم:

وبالجملة فمراتب الفاحشة متفاوتة بحسب مفاسدها، فالمتخذ خدناً من النساء والمتخذة خدناً من الرجال أقل شرّاً من المسافح والمسافحة مع كل أحدٍ، والمستخفي بما يرتكبه أقل إثماً من المجاهر المستعلن، والكاتم له أقل إثماً من المخبِر المحدِّث للناس به، فهذا بعيد من عافية الله تعالى وعفوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ... ".

" إغاثة اللهفان " (٢ / ١٤٧) .

الخدن والخدنة: العشيق والعشيقة.

والأصل: أن يُعقب المسلمُ ذنبه بتوبة واستغفار وندم وعزم على عدم العوْد لها، لا أن يُعقبها بافتخار ومجاهرة وحديث بها.

روى أحمد (٨٧٩٢) والترمذي (٣٣٣٤) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ، فَذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ [كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] ) . حسنه الألباني في صحيح الترمذي (٢٦٥٤) .

بقي هناك مسألة ذكرتها في سؤالك وهي حصول المجاهرة من حديثي الإسلام، وهؤلاء لا زالوا يجهلون شرائع الإسلام، فهم يُعذرون إن كانوا يجهلون الأحكام الشرعية، ولكنهم يٌعلّمون.

فاحرص على إرشادهم، وعرض هذا الجواب عليهم.

وفقنا الله لما يحب ويرضى

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>