للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يزعم أنه يطوف بالكعبة في منامه ويخبرهم بأمور مستقبلة

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا تعرفت على شخص قال لي إنه أتاه في المنام جن مسلم وقال إنه طاف به في مكة المكرمة وسقاه من ماء زمزم وزار به قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال هذا كله حدث في نفس الليلة وإلى الآن مازال يقول إنه يطوف به في مكة ويزور به قبر النبي وهذا الرجل أخبرني بأشياء مستقبلية وتحققت بعض هذه الأشياء فعلا ولقد افتتن أخي بهذا الرجل وقد صدقه في كل ما قال وأنا لا أملك العلم الشرعي الذي أستطيع أن أبطل به ادعاءات هذا الرجل فكيف أتخلص منه؟ وأقنع أخي بأن هذا الرجل كاذب فيما قال؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

كون هذا الرجل رأى في منامه أن جنا مسلما طاف به في مكة وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، لا إشكال فيه ولا غرابة، فإن الإنسان قد يرى في منامه ما هو مثل ذلك أو أعظم، كأن يرى نفسه في الجنة، أو صعد السماء ثم هبط، ونحو ذلك، مما لا يمكن حدوثه في الواقع.

وهذا إن صدق في رؤياه، وإلا فإن بعض الدجالين يكذبون ويخدعون الناس بهذه الرؤى المكذوبة.

ثانيا:

كونه يخبر بأمور مستقبلية، يدل على أنه أحد الكهان، الذين يلجأون إلى التعامل مع الجن، وعن طريقهم يعرفون بعض المغيبات، كما في الحديث الذي رواه البخاري (٤٧٠١) ومسلم (٢٢٢٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ وَوَصَفَ سُفْيَانُ [أحد رواة الحديث] بِيَدِهِ وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الأَرْضِ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الأَرْضِ فَتُلْقَى عَلَى فَمْ السَّاحِرِ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُصَدَّقُ فَيَقُولُونَ أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ) .

وروى البخاري (٧٥٦١) ومسلم (٢٢٢٨) عن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ) .

وهذا الرجل إن ادعى علم الغيب فهو كافر، والحذر الحذر من إتيانه، فإن إتيان هؤلاء وتصديقهم محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) رواه مسلم (٢٢٣٠) .

هذا إذا أتاه وسأله ولم يصدقه، أما إذا صدقه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) رواه أحمد (٩٥٣٢) والحاكم (١٥) وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وبهذا يتبين تحريم إتيان الكهان وتصديقهم فيما يقولون.

فانصح أخاك، وبيّن له ذلك، وحذره من مصاحبة هذا الرجل أو تصديقه.

نسأل الله أن يحفظنا وإياكم من كل شر وفتنة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>