للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تفسير خاطيء لكلمة التوحيد وزعم باطل بأنها تغني عن الطعام

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد قال لي شيخي مرةً أن معنى لا إله إلا الله هو، لا: (لا أحد قادر على) ، إله: (تلبية الحاجات) ، إلا الله: (غير الله) . ولكن الكثيرين غيره يقولون بأن معناها الحقيقي هو: لا معبود بحق سوى الله. وأنا أثق جدا في تعليمه. إنه يشرح قائلا: أولا، لدينا الحاجة إلى أن نكون أحياء. فإن لم تكن (ربما يقصد "الحاجة") لله، فمن ذا يستطيع تلبية هذه الحاجة غيره؟ وقد قال أيضا، بأنه إذا إستطاع الإنسان العيش بلا إله إلا الله، فإن هذا الإنسان يكون صوفيا. وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية. فما هو رأيكم؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أما بعد فقد قال تعالى: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) . ففي هذه الآية الكريمة دلالة على فقر العباد إلى ربهم في جميع أمورهم، في وجودهم وبقائهم، وفي منافعهم وسلامتهم من كل مكروه. فالله هو الواهب لذلك كله، قال تعالى: (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم) وقال تعالى: (وما بكم من نعمة فمن الله) . وهو سبحانه وتعالى غنيٌ عن عباده له الملك كله وله الحمد كله، لا يبلغ العباد نفعه ولا ضره، لو آمنوا كلهم ما زادوا في ملكه شيئا، ولو كفروا كلهم ما نقصوا من ملكه شيئا. وهو رب العالمين، رب الأولين والآخرين، وهو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، كل معبود سواه باطل. فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله، هذا هو الصواب في معناها وليس معناها لا خالق إلا الله، أو لا قادر على قضاء الحوائج إلا الله، بل هذا كله من معناها، فالإله الحق هو الخالق لكل شيء والقادر على كل شيء. فقول هذا الشيخ أن معنى لا إله إلا الله: (هو لا أحد يقدر على قضاء الحاجات إلا الله) إن أراد أن هذا من معناها فهو صحيح، وإن أراد أن هذا هو المقصود منها فباطل، فإنه لو كان المقصود منها ما قاله هذا الشيخ لما امتنع المشركون الأولون أن يقولوها حين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا؟ لأنهم يقرّون أنه لا خالق إلا الله، ولكنهم كانوا يفهمون المعنى المقصود منها وهو لا معبود بحق إلا الله. فالله هو المعبود بحق وكل معبود سواه باطل وهذا يقتضي بطلان آلهة المشركين التي يعبدونها من دون الله، قال تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير) . فلما كان المشركون يعلمون معناها وأنها تقتضي بطلان معبوداتهم امتنعوا أن يقولوها وتواصوا بالصبر على آلهتهم كما قال تعالى: (وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عُجاب وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يُراد) . وبهذا تعلم أن قول الكثيرين المخالفين لشيخك في معنى لا إله إلا الله هو الصواب.

وقول شيخك (أن لدينا الحاجة إلى الله...... إلى قوله هذه الحاجة غيره) معناه ان الله وحده هو الذي يَمدّنا بالحياة وهذا حق، ولكن ليس هو معنى لا إله إلا الله، بل معناها لا معبود بحق إلا الله كما تقدّم. والإله الحق هو المستحق للعبادة وهو الذي يحيي ويميت، وهو الله تعالى.

وقول شيخك (إذا استطاع الإنسان..........إلى قوله وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية) إن أراد أنه يستغني عن الطعام والشراب دائما فهو قول باطل فإنه لا أحد من الناس يستغني دائما عن الطعام والشراب ولا الأنبياء فضلا عمّن سواهم، وزعمه أن الصوفي يستطيع العيش بلا طعام أو شراب، وأنّ ذكره لله يُغنيه عن ذلك دائما فهو باطل ومن ادعى ذلك منهم فهو كذاب، فلا تغتر أيها السائل بهذا الشيخ، فهو إما جاهل ضال وإما كذاب دجال، فاحذر منه ومن أمثاله. نسأل الله لك الهداية والتوفيق.

[الْمَصْدَرُ]

الشيخ عبد الرحمن البراك.

<<  <  ج: ص:  >  >>