للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم العمل في بلاد الغرب، وهل يدخل دفع الضرائب في توليهم؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ي عن العيش، والعمل في بلاد الغرب، أريد أن أعرف: هل هو يجوز أن أعمل في الغرب حيث يجب عليَّ أدفع ضريبة للحكومة، وهذه الضريبة تنفق في أي شيء، داخلاً في ذلك الجيوش التي تشن حرباً على المسلمين؟ هل يدخل ذلك تحت الآيات التي عن مساعدة الكافرين وتوليهم؟ أيضاً: هل نستطيع العيش بين الكفار؟ وإذا كانت الإجابة بلا: فأين نذهب؟ لأنه لا يوجد دولة إسلامية اليوم؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا يجوز للمسلم أن يقيم في ديار الكفر من أجل العمل؛ إذ ليس العمل من الأعذار الشرعية التي تبيح له تلك الإقامة.

والأعذار الشرعية التي تبيح الإقامة في تلك الديار: العلاج الذي لا يجده في بلاد المسلمين، والعلم الذي تحتاجه الأمة مما لا يتوفر إلا عندهم، والتجارة المباحة، والدعوة إلى الله، وكل ذلك يُعذر المسلم بالإقامة من أجله في ديار الكفر، بشرط أن يكون محصَّناً من الشهوات والشبهات، وبشرط أن تنقطع إقامته إذا انتهى عذره الذي من أجله أقام بين ظهرانيهم.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

هل تجوز الهجرة إلى بلاد الكفر للعمل فيه؟ .

فأجابوا:

"إذا أردتَ العمل، وطلب الرزق: فعليك بالسفر إلى بلاد المسلمين لأجل ذلك، وفيها غنية عن بلاد الكفار؛ لما في السفر إلى بلاد الكفر من الخطر على العقيدة، والدِّين، والأخلاق" انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٢/٥٨) .

وأرض الله واسعة، وبلاد المسلمين شاسعة، فليس المسلم معذوراً في إقامته واستيطانه بين ظهراني الكفار، وهو يعلم ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن تلك الإقامة، وهو يرى ما عندهم من فساد للخلُق والدِّين.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) العنكبوت/ ٥٦:

نادى الله جل وعلا عباده المؤمنين، وأكَّد لهم أن أرضه واسعة، وأمرهم أن يعبدوه وحده دون غيره ...

والمعنى: أنهم إن كانوا في أرض لا يقدرون فيها على إقامة دينهم، أو يصيبهم فيها أذى الكفار: فإن أرض ربهم واسعة، فليهاجروا إلى موضع منها يقدرون فيه على إقامة دينهم، ويسلمون فيه من أذى الكفار، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون.

وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء في آيات أخر، كقوله تعالى: (إِنَّ الذين تَوَفَّاهُمُ الملائكة ظالمي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض قالوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا) النساء/ ٩٧، وقوله تعالى: (وَأَرْضُ الله وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر/١٠" انتهى.

"أضواء البيان" (٦/٢٤١) .

والكفار الآن يضيقون على المسلمين ليتركوا شعائر الإسلام الظاهرة، فلم يعد المسلم يستطيع إظهار تلك الشعائر من الأذان للصلوات، والحجاب للمرأة، فضلا عن الولاء للمسلمين، والبراء من الكفار المحتلين الغاصبين، فلذا لا نرى للمسلم أن يعيش بين أظهرهم، ومن يقيم في تلك الديار ويدفع الضرائب لها: فهو يساهم في تقوية اقتصادها، ويعينها على حرب الإسلام والمسلمين، وهو داخل – قطعاً – في إعانتهم على الباطل، والإثم، والكفر، والعدوان، وهذا من أبرز أنواع التولِّي للكافرين.

إلا من كان معذوراً مضطراً للإقامة هناك، فإن الضرورة لها أحاكم خاصة، قال الله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) الأنعام/١١٩.

وانظر أجوبة الأسئلة: (١٣٣٦٣) و (٨٣٩١٢) و (٢٧٢١١) .

وينظر جواب السؤال رقم (١١١٥٦٤) فهو مهم.

وقولك: "لا يوجد دولة إسلامية اليوم" غير صحيح.

ومع الشر والفساد الموجود بكثير من البلاد الإسلامية فهي – بلا شك- لا تزال أقل شراً وفساداً من الدول الكافرة.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>