للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كيف يعامل المسلم أهله الكفار؟

[السُّؤَالُ]

ـ[امرأة أسلمت وتعيش مع أهلها غير المسلمين، وهم الآن لا يعترضون على إسلامها، قد حاولت دعوتهم بطرق شتى، ولكن لا جدوى، فكيف تتعامل معهم وهم على ضلالتهم؟ هل تصلهم أم تحد علاقتها بهم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الواجب على من هداه الله تعالى للإسلام أن يبادر بهذا النور ليضيء به حياة أهله وعشيرته، فهم أولى الناس بدعوته، وبنور الإسلام، وإذا وُجد من أولئك من كان غير معترض على الإسلام فهو نعمة عظيمة على المسلم استثمارها لتقديم الإسلام لهم بطريقة حسنة، وليسلك في دعوته لهم كل سبيل مباح، من تقديم الأشرطة المرئية والمسموعة، والكتب، والمواقع، واستضافة الشخصيات الإسلامية المؤثرة، وليتقرب لهم بالهدايا، والمعاملة الحسنة، والأخلاق الفاضلة، وليبتعد عن التعنيف، وليداوم على دعاء الله أن يهديهم ويوفقهم.

وإذا كان الله تعالى قد أمر بالإحسان للوالدين اللذين يدعوان ولدهما للكفر ويبذلان في ذلك جهوداً عظيمة: فأولى أن تكون تلك المعاملة لمن رضي لك إسلامك، ولم يعترض عليه.

قال الله تبارك وتعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ. وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) لقمان/ ١٤، ١٥.

قال ابن جرير الطبري رحمه الله:

"وإن جاهدك أيها الإنسان، والداك على أن تشرك بي في عبادتك إياي معي غيري، مما لا تعلم أنه لي شريك - ولا شريك له تعالى ذكره علوّاً كبيراً: فلا تطعهما فيما أراداك عليه من الشرك بي، (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيا مَعْرُوفًا) يقول: وصاحبهما في الدنيا بالطاعة لهما فيما لا تبعة عليك فيه فيما بينك وبين ربك، ولا إثم".

" تفسير الطبري " (٢٠ / ١٣٩) .

وقال ابن كثير رحمه الله:

"أي: إن حَرَصَا عليك كل الحرص، على أن تتابعهما على دينهما: فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعنَّك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفاً، أي: محسنًا إليهما، (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) يعني: المؤمنين" انتهى.

" تفسير ابن كثير " (٦ / ٣٣٧) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

لي أهل مشركون إلا أختاً لي مسلمة، فهل يجوز لي الإقامة والأكل والشرب معهم، وإن كان يجوز مع أن ذلك ليس على حساب ديني: فهل يجوز لي التصريح لهم بأنهم كفار خارجون عن دين الله؟ مع أني دعوتهم فهم مترددون، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ولكنهم أقرب للشرك، مع أني لا أجد سكناً إلا معهم.

فأجابوا:

"الواجب عليك الاستمرار في نصحهم، وتذكيرهم، ومصاحبتهم بالمعروف، ولين القول لهم، وإن كنتَ ذا مال: فأنفق عليهم؛ لعل الله سبحانه وتعالى أن يفتح قلوبهم، وينير بصائرهم، قال تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) لقمان / ١٥.

وابحث عن شتى السبل لإيصال الحق لهم بالرسائل، والكتب، والأشرطة ... " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٢ / ٢٥٥، ٢٥٦) .

وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله:

"فالله سبحانه وتعالى أوجب بر الوالدين بالمعروف والإحسان ولو كانا كافرين، وقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ. وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) لقمان / ١٤، ١٥.

فيجب عليك أن تُحسن إلى والديك الإحسان الدنيوي، وأما في الدين: فأنت تتبع الدين الحق ولو خالف دين آبائك، مع الإحسان للوالدين من باب المكافأة، فأنت تحسن إليهما وتكافئهما على معروفهما، ولو كانا كافرين، فلا مانع أن تواصل والدك، وأن تبر به، وأن تكافئه؛ ولكن لا تطيعه في معصية الله عز وجل" انتهى.

" المنتقى من فتاوى الفوزان " (٢ / ٢٥٧، السؤال رقم ٢٢٦) .

وانظري – لمزيد فائدة - أجوبة الأسئلة: (٢٠٩٦١) و (٢٧١٩٦) و (٢٧١٠٥) و (٦٤٠١) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>