للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجبرها أهلها على زواج صوري ليحصل الزوج على إقامة وجنسية!

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر ٢٣ سنة، أعيش في ألمانيا منذ ١٥ سنة مع والدتي وأخي، وذلك أثر طلاق والداي، قبل سنة أرغمتني والدتي على الزواج برجل ادَّعت أنه في حاجة ماسة للإعانة، وأمام غطرستها، وتهديدها الدائم لي بالغضب عليَّ، وانعدام المسؤولية عند أخي: لم يكن لي أي خيار، منذ قليل اكتشفت حماقتي، وجهلي , إذ إن أمي تبرر كل أوامرها بحجج تدَّعي أنها من الدين، وتم الزواج لدى المحاكم الألمانية , زواج صوري، يمكِّن هذا الرجل الذي لم أره سوى عند كتابة العقد من البقاء في ألمانيا والحصول على الجنسية الألمانية بعد سنتين، بعد محاولات عديدة أمكن لي الحصول على موافقة والدتي للبداية في إجراءات الطلاق، الرجل الذي أصبح اليوم قادراً على البقاء في ألمانيا موافق على طلاق التراضي، كما كان اتفاقه مع والدتي منذ البداية. سؤالي هو الآتي: كيف أكفِّر عن ذنبي؟ هل عليَّ عدة المطلقات؟ لقد تقدم شاب لي، ويود الزواج بي، وأنا حائرة، إن أعلمته أخشى أن يتركني، وإن لم أفعل أكون خدعته، ثم متى أحل له، أبعد الطلاق من الزواج الباطل أم قبل ذلك؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا يجوز لأحدٍ أن يُكره موليته على النكاح ممن لا ترغب، والعقد الذي يثبت أن المرأة البالغ زُوِّجت فيه بغير إرادتها: باطل عند بعض العلماء، ومتوقف عليها لإمضائه عند آخرين، وفي كل الأحوال لا يجوز أن تُجبر البالغ على الزواج.

وتفصيل ذلك في جواب السؤال رقم: (٤٧٤٣٩) .

ولا نرى أنك صغيرة بحيث يتحكم في تزويجك والدتك وأخوك، فكان الأجدر بك الوقوف في وجوههم، والاعتراض على مثل هذا الزوج والزواج، وبخاصة أنكم في بلد يدَّعي أهله أنهم ينصرون النساء! .

ثانياً:

العقود التي تُجرى في محاكم الدول الكافرة: قد تكون عقوداً باطلة، وقد تكون صحيحة، فإن كان سبقها عقد شرعي، اشتمل على إيجاب، وقبول، وموافقة ولي، وشهود أو إعلان: كانت العقود أمام تلك المحاكم للتوثيق، والتثبيت، لا للإنشاء، وإن لم يسبقها عقود شرعية: فلا قيمة لها، ولا يُبنى عليها أحكام؛ لأنها باطلة أصلاً.

وينظر جواب السؤال رقم: (٤٤٥٨) .

ثالثاً:

ثمة عقود زواج تُبرم في دول الكفر لا لأجل العفاف والستر وإنشاء أسرة، بل لغايات الإقامة والجنسية! وليُعلم أن الزواج هو " كلمة الله " وهو " الميثاق الغليظ "، وأنه لا يجوز الاستهانة بهذه العقود، وجعلها مجالاً للعبث.

وليُعلم أن هذه العقود " الصُّورية " أو " الشكلية " إذا تمَّت وفق الشرع فإنه تترتب عليها آثارها الشرعية، من المهر، والعدَّة، وغير ذلك، وأما إذا لم تتم وفق الأحكام الشروط الشرعية: فإنه لا تترتب عليها آثارها الشرعية، مع وجود الإثم.

سئل علماء اللجنة الدائمة:

نحن شباب مسلم - والحمد لله -، من مصر، ولكننا نقيم في هولندا، ونسأل عن حكم الإسلام في بعض الشباب المسلم الذي يلجأ للزواج من الأوربية، أو بعض النسوة الأجنبيات اللاتي معهن أوراق الإقامة، وذلك للحصول على الإقامة في هولندا، مع العلم أن هذا الزواج صوري، أي: حبر على ورق - كما يقولون – أي: أنه لا يعيش معها، ولا يعاشرها كزوجة، هو فقط يذهب معها إلى مبنى الحكومة، ومعه شاهدان، ويتم توثيق العقد، وبعد ذلك كل ينصرف لطريقه؟ .

فأجابوا:

عقد النكاح من العقود التي أكد الله عِظم شأنها، وسمَّاه " ميثاقاً غليظاً "، فلا يجوز إبرام عقد النكاح على غير الحقيقة من أجل الحصول على الإقامة.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٨ / ٩٨، ٩٩) .

وفي جواب السؤال رقم: (٢٨٨٦) فتوى أخرى بالتحريم والمنع، فلتنظر.

فالذي يظهر لنا أن والدك موجود وعلى قيد الحياة، وهو في هذه الحال وليك في الزواج، ولو كان مطلِّقاً لأمك، وأخوك ليس وليّاً لك مع وجود والدكِ، فإذا تمَّ الزواج بموافقة والدك، وحضور شهود، مع رضاكِ به: فهو عقد شرعي تترتب عليه آثاره، ولو لم يكن من أجل العيش معه؛ لأن واقعه – والحالة هذه – أنه عقد شرعي مكتمل الأركان، فلا يحل لك الزواج بغيره إلا بعد أن تحصلي على الطلاق، وتنتهي عدتك.

وأما إن تمَّ العقد في الدوائر الرسمية فقط، ودون موافقتك أو موافقة والدك: فهو عقد غير شرعي، ولا تترتب عليه آثاره، ولا حاجة للحصول على الطلاق، إلا من أجل أنك زوجة في الأوراق الرسمية، لا من أجل أنك زوجة شرعاً، مع استحقاق من ساهم في وجوده للإثم؛ لاستهانته بالعقد الشرعي، وجعله مجالاً للعبث.

والخلاصة: أن الواجب عليك الاحتياط في أمر زواجك الجديد، على الأقل، وألا تقدمي على إتمام الخطبة الجديدة، إلا بعد طلاقك من الأول، وبإمكانك إتمام الخطبة والزواج الجديد بمجرد إنهاء الطلاق من الأول، وليس عليك عدة تنتظرينها، ولا فاصل زمني بين الزواجين.

وأما بخصوص إعلام الخاطب الجديد، فإن كان يغلب على ظنك أنه لن يعلم بما حدث، فلا ننصحك بإخباره، وأتمي زواجك به، كأن شيئاً لم يكن.

وإن كنت تظنين أنه سوف يعلم ذلك، فليعلمه منك أفضل وأكرم، والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف شاء، فاستعين بربك سبحانه، على صرف قلبه إليك، إن كان في زواجك منه خير لك.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>