للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِرْعَوْنَ فَقَالُوا إِنْ دُمْتَ عَلَى الذَّبْحِ لَمْ يَبْقَ لَنَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ يَخْدِمُنَا. فَصَارَ يَذْبَحُ سَنَةً وَيَتْرُكُ سَنَةً. فَذَبَحَ سَبْعِينَ أَلْفَ مَوْلُودٍ. وَوُلِدَ هَارُونُ فِي السَّنَةِ الَّتِي لا يُذْبَحُ فِيهَا , وَوُلِدَ مُوسَى فِي السَّنَةِ

الَّتِي يُذْبَحُ فِيهَا. فَوَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَكَتَمَتْ أَمْرَهُ فَدَخَلَ الطَّلَبُ إِلَى بَيْتِهَا فَرَمَتْهُ فِي التَّنُّورِ , فَسَلِمَ , فَخَافَتْ عَلَيْهِ فَصَنَعَتْ لَهُ تَابُوتًا وَأَلْقَتْهُ فِي الْيَمِّ , فَحَمَلَهُ الْمَاءُ إِلَى أَنْ أَلْقَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ , فَلَمَّا فَتَحَ التَّابُوتَ نَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: عَبْرَانِيٌّ مِنَ الأَعْدَاءِ كَيْفَ أَخْطَأَهُ الذَّبْحُ! فَقَالَتْ آسِيَةُ: دَعْهُ يَكُونُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي وَلَكَ , وَكَانَ لا يُولَدُ لِفِرْعَوْنَ إِلا الْبَنَاتُ. فتركه.

ولما رمته أمه أدركها الجزع فقالت لأخته مريم: قصيه. فَدَخَلَتْ دَارَ فِرْعَوْنَ , وَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَاتُ , فَلَمْ يَقْبَلْ ثَدْيًا , فَقَالَتْ: " {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أهل بيت يكفلونه لكم} " فَجَاءُوا بِأُمِّهِ فَشَرِبَ مِنْهَا , فَلَمَّا تَمَّ رَضَاعُهُ رَدَّتْهُ إِلَى فِرْعَوْنَ فَأَخَذَهُ يَوْمًا فِي حِجْرِهِ فَمَدَّ يَدَهُ لِلِحْيَتِهِ فَقَالَ: عَلَيَّ بِالذَّبَّاحِ فَقَالَتْ آسِيَةُ: إِنَّمَا هُوَ صَبِيٌّ لا يَعْقِلُ. وَأَخْرَجَتْ له ياقوتاً وَجَمْرًا فَأَخَذَ جَمْرَةً فَطَرَحَهَا فِي فِيهِ فَأَحْرَقَتْ لِسَانَهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: " وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ".

فَلَمَّا كَبِرَ كَانَ يَرْكَبُ مَرَاكِبَ فِرْعَوْنَ وَيَلْبَسُ مَلابِسَ فِرْعَوْنَ , فَلَمَّا جَرَى الْقَدَرُ بِقَتْلِ الْقِبْطِيِّ وَعَلِمُوا أَنَّهُ هُوَ الْقَاتِلُ خَرَجَ عَنْهُمْ فَهَدَاهُ اللَّهُ إِلَى مَدْيَنَ , فَسَقَى لِبِنْتَيْ شُعَيْبٍ وَاسْمُهُمَا صفورَا وَلِيَا , فَاسْتَدْعَاهُ شُعَيْبٌ وَزَوَّجَهُ صفورَا , ثُمَّ خرج بزوجتته يَقْصِدُ أَرْضَ مِصْرَ فَوَلَدَتْ لَهُ فِي الطَّرِيقِ فقال لأهله: " {امكثوا} " أي أقيموا " {إني آنست نارا} ً " أَيْ أَبْصَرْتُ. وَإِنَّمَا رَأَى نُورًا , وَلَكِنْ وَقَعَ الإِخْبَارُ بِمَا كَانَ فِي ظَنِّهِ. وَالْقَبَسُ: مَا أَخَذْتَهُ مِنَ النَّارِ فِي رَأْسِ عُودٍ أَوْ فتيلة {أو أجد على النار هدى} وَكَانَ قَدْ ضَلَّ الطَّرِيقَ فَعَلِمَ أَنَّ النَّارَ لا تَخْلُو مِنْ وَاقِدٍ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ , أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ , أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ , أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , حَدَّثَنِي أَبِي , حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ , حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُغَفَّلٍ , عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ , قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>