للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُوهٌ طَالَ مَا غَسَلَتْهَا دُمُوعُ الأَحْزَانِ , وُجُوهٌ طَالَ مَا غَبَّرَتْهَا حُرُقَاتُ الأَشْجَانِ , وُجُوهٌ تُخْبِرُ عَنِ الْقُلُوبِ إِخْبَارَ الْعُنْوَانِ , حَرَسُوا الْوَقْتَ بِالْيَقَظَةِ وَحَفِظُوا الزَّمَانَ , وَشَغَلُوا الْعُيُونَ بِالْبُكَاءِ وَالأَلْسُنَ بِالْقُرْآنِ , فإذا رَأَيْتَهُمْ يَوْمَ الْجَزَاءِ رَأَيْتَ الْفَوْزَ الْعَظِيمَ {تَعْرِفُ في وجوههم نضرة النعيم} .

وُجُوهٌ مَا تَوَجَّهَتْ لِغَيْرِي وَلا اسْتَدَارَتْ , وَأَقْدَامٌ إِلَى غَيْرِ مَا يُرْضِينِي مَا سَارَتْ ,

وَعُزُومٌ لِغَيْرِ مَرْضَاتِي مَا ثَارَتْ , وَقُلُوبٌ بِغَيْرِي قَطُّ مَا اسْتَجَارَتْ , وَأَفْئِدَةٌ بِغَيْرِ ذِكْرِي مَا اسْتَنَارَتْ , وَلَوْ رَأَتْ عُيُونُ الْغَافِلِينَ مَا أَعْدَدْتُ لَهُمْ لَحَارَتْ مِنْ فَضْلٍ عَظِيمٍ وَمُلْكٍ جَسِيمٍ {تَعْرِفُ في وجوههم نضرة النعيم} .

أَشْرَقَتْ وُجُوهُهُمْ فِي الدُّنْيَا بِحُسْنِ الْمُجَاهَدَةِ , وَتُشْرِقُ وُجُوهُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْقُرْبِ وَالْمُشَاهَدَةِ , أَشْرَقَتْ وُجُوهُهُمْ فِي اللَّيْلِ بِنُورِ السَّهَرِ , وَتُشْرِقُ غَدًا بِمُشَاهَدَةِ الْحَقِّ إِذَا ظَهَرَ , أَشْرَقَتْ وُجُوهُهُمْ فِي الدُّنْيَا بِجَرَيَانِ الدُّمُوعِ عَلَى الْخُدُودِ , وَتُشْرِقُ غَدًا فِي جنان الخلود , فإذا رَأَيْتَهُمْ فِي سُرُورٍ مَا فِيهِ مَا يُضِيمُ {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} .

قوله تعالى: {يسقون من رحيق مختوم} فِي الرَّحِيقِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ , أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْخَمْرُ. قاله ابن عباس. وفي صفة الْخَمْرِ الْمُسَمَّاةِ بِالرَّحِيقِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا أَجْوَدُ الْخَمْرِ. قَالَهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ. وَالثَّانِي: الْخَالِصَةُ مِنَ الْغِشِّ. قَالَهُ الأَخْفَشُ. وَالثَّالِثُ: الْخَمْرُ الْبَيْضَاءُ. قَالَهُ مُقَاتِلٌ. وَالرَّابِعُ: الْخَمْرُ الْعَتِيقَةُ. قَالَهُ ابن قتيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>