للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يترك سدى} .

يَا مَنْ تُكْتَبُ لَحَظَاتُهُ , وَتُجْمَعُ لَفَظَاتُهُ , وَتُعْلَمُ عَزَمَاتُهُ , وَتُحْسَبُ عَلَيْهِ حَرَكَاتُهُ إِنْ رَاحَ أَوْ غدا {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} .

وَيْحُكَ إِنَّ الرَّقِيبَ حَاضِرٌ , يَرْعَى عَلَيْكَ اللِّسَانَ وَالنَّاظِرَ , وَهُوَ إِلَى جَمِيعِ أَفْعَالِكَ نَاظِرٌ , إِنَّمَا الدُّنْيَا مَرَاحِلُ إِلَى الْمَقَابِرِ , وَسَيَنْقَضِي هَذَا الْمَدَى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} .

مالي أَرَاكَ فِي الذُّنُوبِ تَعْجَلُ , وَإِذَا زُجِرْتَ عَنْهَا لا تَقْبَلُ , وَيْحَكَ انْتَبِهْ لِقُبْحِ مَا تَفْعَلُ , لأَنَّ الأَيَّامَ فِي الآجَالِ تَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِ المدى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} .

سَتَرْحَلُ عَنْ دُنْيَاكَ فَقِيرًا , لا تَمْلِكُ مِمَّا جمعت نقيرا , بلى قَدْ صِرْتَ بِالذُّنُوبِ عَقِيرًا بَعْدَ أَنْ رَدَاكَ التَّلَفُ رِدَاءَ الرَّدَى {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سدى} .

كَأَنَّكَ بِالْمَوْتِ قَدْ قَطَعَ وَبَتَّ , وَبَدَّدَ الشَّمْلَ الْمُجْتَمِعَ وَأَشَتَّ , وَأَثَّرَ فِيكَ النَّدَمُ حِينَئِذٍ وَفَتَّ , انْتَبِهْ لِنَفْسِكَ فَقَدْ أُشْمِتَ وَاللَّهِ الْعِدَا {أَيَحْسَبُ الإنسان أن يترك سدى} .

كَأَنَّكَ بِبِسَاطِ الْعُمْرِ قَدِ انْطَوَى , وَبِعُودِ الصِّحَّةِ قَدْ ذَوَى , وَبِسِلْكِ الإِمْهَالِ قَدْ قُطِعَ فَهَوَى , اسْمَعْ يَا مَنْ قَتَلَهُ الْهَوَى وَمَا وَدَى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} .

تَاللَّهِ مَا تُقَالُ وَمَا تُعْذَرُ , فَإِنْ كُنْتَ عَاقِلا فَانْتَبِهْ وَاحْذَرْ , كَمْ وَعَظَكَ أَخْذُ غَيْرِكَ وَكَمْ أَعْذَرَ , وَمَنْ أُنْذِرَ قَبْلَ مَجِيئِهِ فَمَا اعتدى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} .

فَبَادِرْ نَفْسَكَ وَاحْذَرْ قَبْلَ الْفَوْتِ , وَأَصِخَّ لِلزَّوَاجِرِ فَقَدْ رَفَعَتِ الصَّوْتَ , وَتَنَبَّهْ فَطَالَ مَا قَدْ سَهَوْتَ , وَاعْلَمْ قَطْعًا وَيَقِينًا أَنَّ الْمَوْتَ لا يقبل الفدا

<<  <  ج: ص:  >  >>