للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَتَمَنَّوْنَ عَدَمَ الْوُجُودِ , فَهُمْ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَصْبِ الأَقْدَامِ الْقَائِمَةِ.

يَتَفَكَّرُونَ فِي السَّابِقَةِ , وَيَحْذَرُونَ مِنَ اللاحِقَةِ وَكَأَنَّهُمْ يَتَّقُونَ صَاعِقَةً , أَوْ كَأَنَّ السُّيُوفَ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ بَارِقَةٌ , يَا شِدَّةَ قَلَقِهِمْ من الخاتمة {وجوه يومئذ ناعمة} .

قال المفسرون: معنى قوله تعالى: {ناعمة} أَيْ فِي نِعْمَةٍ وَكَرَامَةٍ لِسَعْيِهَا فِي الدُّنْيَا {راضية} الْمَعْنَى أَنَّهَا رَضِيَتْ ثَوَابَ عَمَلِهَا {فِي جَنَّةٍ عالية} المنازل {لا تسمع فيها لاغية} أَيْ كَلِمَةَ لَغْوٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِيهَا عَيْنٌ جارية} .

طَالَمَا أَطَالُوا الْبُكَاءَ فِي اللَّيْلِ , تَجْرِي دُمُوعُهُمْ جَرْيَ السَّيْلِ , وَتَسْتَبِقُ فِي صَحْرَاءِ الْخُدُودِ كَالْخَيْلِ , وَإِنَّمَا يُكَالُ لِلْعَبْدِ عَلَى قَدْرِ الْكَيْلِ , فَإِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ فَلِكُلِّ عَيْنٍ جَارِيَةٌ {فِيهَا عَيْنٌ جارية} .

جَنَّ اللَّيْلُ وَهُمْ قِيَامٌ , وَجَاءَ النَّهَارُ وَهُمْ صِيَامٌ , وَتَوَرَّعُوا قَبْلَ الْكَلامِ , وَسَلَّمُوا عَلَى الدُّنْيَا لِدَارِ السَّلامِ , فَالْبُطُونُ جَائِعَةٌ وَالأَجْسَادُ عَارِيَةٌ.

ائْتَزِرُوا بِمِئْزَرِ الْقُنُوعِ , وَارْتَدُوا بِرِدَاءِ الْخُشُوعِ , وَاسْتَلِذُّوا بِشَرَابِ الدُّمُوعِ , وَلَوْلا صَحْوُ السَّهَرِ وَالْجُوعُ مَا بَانَ عِنْدَ الْجَبَلِ هِلالُ " يَا سَارِيَةُ ".

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فيها سرر مرفوعة} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلْوَاحُهَا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَلَّةٌ بالزبرجد والياقوت , مرتفعة ما لم يجىء أَهْلُهَا , فَإِذَا أَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا تَوَاضَعَتْ لَهُ حَتَّى يَجْلِسَ عَلَيْهَا ثُمَّ تُرْفَعَ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله تعالى: {وفرش مرفوعة} قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ ارْتِفَاعَهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ".

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} وَهِيَ الأَبَارِيقُ الَّتِي لا عُرَى لَهَا ,

<<  <  ج: ص:  >  >>