للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِخْوَانِي: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مُلاحَظَتَهُ بِالْبَصَرِ , وَإِنَّمَا هُوَ التَّفَكُّرُ فِي قُدْرَةِ الصَّانِعِ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الدقاق , أنبأنا أبو الحسين ابن بِشْرَانَ , أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ , حَدَّثَنَا سَعْدَانُ , حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ , عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: " تَفَكُّرُ لَحْظَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ ".

وَقِيلَ لَهَا: مَا كَانَ أَفْضَلَ عَمَلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ قَالَتِ: التَّفَكُّرُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَكْعَتَانِ مُقْتَصَدِتَانِ فِي تَفَكُّرٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا زَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَعُودُونَ بِالتَّفَكُّرِ عَلَى التَّذَكُّرِ , وَبِالتَّذَكُّرِ عَلَى التَّفَكُّرِ , وَيُنَاطِقُونَ الْقُلُوبَ حَتَّى نَطَقَتْ , فَإِذَا لَهَا أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ , فَنَطَقَتْ بِالْحِكْمَةِ وَضَرَبَتِ الأَمْثَالَ , فَأَوْرَثَتِ الْعِلْمَ.

وَقَالَ: الْفِكْرُ مِرْآةٌ تُريك حَسَنَاتِكَ وَسَيِّئَاتِكَ. وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ كَلامُهُ حِكْمَةً فَهُوَ لَغْوٌ , وَمَنْ لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ تَفَكُّرًا فَهُوَ سَهْوٌ , وَمَنْ لَمْ يَكُنْ نَظَرُهُ اعْتِبَارًا فَهُوَ لَهْوٌ.

وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يتكبرون} قَالَ: أَمْنَعُ قُلُوبَهُمْ مِنَ التَّفَكُّرِ فِي أَمْرِي.

وكان لقمان يجلس وحده ويقول: طول الوحدة أفهم للتفكر , وطول التفكر دَلِيلٌ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ.

وَقَالَ وَهْبُ بْنُ منبه: ما طالت فكرة امرىء قَطُّ إِلا عَلِمَ , وَلا عَلِمَ إِلا عَمِلَ.

وَبَيْنَمَا أَبُو شُرَيْحٍ الْعَابِدُ يَمْشِي جَلَسَ فَتَقَنَّعَ بِكِسَائِهِ وَجَعَلَ يَبْكِي , فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: تَفَكَّرْتُ فِي ذَهَابِ عُمْرِي وَقِلَّةِ عَمَلِي واقتراب أجلي!.

<<  <  ج: ص:  >  >>