للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشكوا عند الجبل وما فينا من يَشُكُّ، إِنَّ تَشْبِيهَ الْمِسْكِ بِاللَّكِ وَسْوَاسٌ. غَمَرَهُمُ التَّغْفِيلُ وَتَنَاهَى فَاعْتَقَدُوا لِلْخَالِقِ أَشْبَاهًا، فَقَالُوا يَوْمَ اليم {اجعل لنا إلها} وما في عقائدنا نحن الْتِبَاسٌ.

آثَرَ الصَّحَابَةُ الْفَقْرَ وَالْمَجَاعَةَ، وَاشْتَغَلُوا عَنِ الدُّنْيَا بِالطَّاعَةِ، وَسَأَلَتِ النَّصَارَى مَائِدَةً لِلْمَجَاعَةِ، إِنَّمَا طَلَبُوا قُوتَ الأَضْرَاسِ.

أَعِنْدَ رُهْبَانِهِمْ كَزُهْدِ أُوَيْسٍ أَفِي مُتَعَبِّدِيهِمْ كَعَامِرِ بْنِ قَيْسٍ، أَفِي خَايِفِهِمْ كَالْفُضَيْلِ، هَيْهَاتَ لَيْسَ ضَوْءُ الشَّمْسِ كَالْمِقْبَاسِ.

أَفِيهِمْ مِثْلُ بِشْرٌ وَمَعْرُوفٌ، أَفِي زُهَّادِهِمْ مَذْكُورٌ مَعْرُوفٌ، أَفِي طَوَائِفِهِمْ طَائِفَةٌ صَلَّتْ وَقَدْ صَلْصَلَتِ السُّيُوفُ وَرَنَّتِ الأَقْوَاسُ.

أَفِيهِمْ مِثْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، أَوْ كَالشَّافِعِيِّ الْهَادِي إِلَى الْمَسَالِكِ، كَيْفَ لا تَمْدَحُهُ وَهُوَ أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحْسَنَ بُنْيَانَهُ وَالأَسَاسَ.

أَفِيهِمْ أَعْلَى مِنَ الْحَسَنِ وَأَنْبَلَ، أو ابن سيرين الذي بالورع تقبل، أو كَأَحْمَدَ الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ وَسَبَّلَ، تَاللَّهِ مَا فيهم مثل ابن حنبل، ارفع صوتك بهذا وَلا بَاسَ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} .

انْتَهَى الْجُزْءُ الأَوَّلُ مِنْ كِتَابِ التَّبْصِرَةِ لِلإِمَامِ أبي الفرج عبد الرحمن ابن الْجَوْزِيِّ وَيَلِيهِ الْجُزْءُ الثَّانِي وَأَوَّلُهُ: " الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>