للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواراه، فقال آمنت فإذا جبريل بمدفاه، وكان من غَايَةِ شَرَفِهِ وَمُنْتَهَاهُ أَنَّهُ خَرَجَ يَطْلُبُ نَارًا فناداه: {يا موسى إني أنا الله}

وَشَرَّفَ أُمَّتَهُ شَرَفًا بَيِّنًا أَوْلاهُ {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ على العالمين} بِكُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أَخَذْنَاهُ.

خَلَقَ مُحَمَّدًا وَاخْتَارَهُ عَلَى الْكُلِّ وَاصْطَفَاهُ، وَكَشَفَ لَهُ الْحِجَابَ عِنْدَ قَابَ قَوْسَيْنِ فَرَآهُ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ مِنْ سِرِّهِ الْمَسْتُورِ مَا أَوْحَاهُ، وَوَعَدَهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ وَسَيُبْلِغُهُ مُنَاهُ.

فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي دَلَّنَا بِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ وَعَرَّفَنَاهُ، وَأَجَلَّنَا بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الْقَدِيمِ وَعَلَّمَنَاهُ، وَهَدَانَا إِلَى بَابِهِ بِتَوْفِيقٍ أَوْدَعَنَاهُ، حَمْدًا لا يَنْقَضِي أُولاهُ وَلا يَنْفَدُ أُخْرَاهُ.

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ مَا تَحَرَّكَتِ الأَلْسُنُ وَالشِّفَاهُ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ صَلاةً دَائِمَةً تَدُومُ بِدَوَامِ مُلْكِ اللَّهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.

عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ النصف، عظيمة القدر وعجيبة الوصف، يطلع اللَّهُ فِيهَا عَلَى الْعِبَادِ، فَيَغْفِرُ لِكُلٍّ مَا خَلا أَهْلَ الْعِنَادِ.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَخَرَجْتُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعَ رَأْسِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: كُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ. فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ ".

وَعَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ: كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَيْلَتِي فَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي، فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَدْتُهُ فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ النِّسَاءَ مِنَ الْغَيْرَةِ. فَتَلَفَّعْتُ بِمِرْطِي، أَمَا وَاللَّهِ مَا كَانَ مِرْطِي خَزًّا وَلا قَزًّا وَلا حَرِيرًا وَلا دِيبَاجًا وَلا قُطْنًا وَلا كَتَّانًا. قِيلَ: فَمِمَّ كَانَ؟ قَالَتْ: كَانَ سَدَاهُ شَعَرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>