للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي تَسْمِيَتِهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا لَيْلَةُ الْعَظَمَةِ، يُقَالُ: لِفُلانٍ قَدْرٌ. قَالَهُ الزُّهْرِيُّ. وَيَشْهَدُ لَهُ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قدره} .

وَالثَّانِي: أَنَّهُ الضِّيقُ. أَيْ هِيَ لَيْلَةٌ تَضِيقُ فِيهَا الأَرْضُ عَنِ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ. قَالَهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَيَشْهَدُ لَهُ: {وَمَنْ قُدِرَ عليه رزقه} .

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْقَدْرَ الْحُكْمُ كَأَنَّ الأَشْيَاءَ تُقَدَّرُ فِيهَا. قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ.

وَالرَّابِعُ: لأَنَّ مَنْ لم يكن قدر صار بمراعاتها إذا قَدْرٍ. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ.

وَالْخَامِسُ: لأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا كِتَابٌ ذُو قَدْرٍ وَيَنْزِلُ فِيهَا رَحْمَةٌ ذَاتُ قَدْرٍ وَمَلائِكَةٌ ذَوُو قَدْرٍ. حَكَاهُ شَيْخُنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وما أدراك ما ليلة القدر} هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ لَهَا وَالتَّشْوِيقِ إلى خبرها.

في قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شهر} قولان: أحدهما: أنها مِنْ زَمَانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثُمَّ فِي ذَلِكَ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا مَا رَوَاهُ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَمَلَ السِّلاحَ عَلَى عَاتِقِهِ أَلْفَ شَهْرٍ فَعَجِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ وَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أُمَّتِهِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَقَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ الَّتِي حَمَلَ فِيهَا الإِسْرَائِيلِيُّ السِّلاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ فِيمَا مَضَى لا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقَالَ لَهُ عَابِدٌ حَتَّى يَعْبُدَ اللَّهَ أَلْفَ شَهْرٍ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>