للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد درس القادر على أحمد بن محمد الهروي (١) أحد فقهاء الشافعية (٢) .

توفي القادر بالله - رحمه الله - ببغداد سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.

أثنى العلماء على القادر ثناءً حسناً، فوصفه صاحب ذيل تجارب الأمم بقوله:- "سلك من طريق الزهد والورع ما تقدمت فيه خطاه، فكان راهب بني العباس حقاً، وزاهدهم صدقاً ساس الدنيا والدين، وأغاث الإسلام والمسلمين، واستأنف في سياسة الأمر طرائق قويمة، ومسالك مأمونة، لم تعرف منه زلة، ولا ذمت له خلة، فطالت أيامه، وطابت أخباره، وأقفيت آثاره، وبقيت على ذريته الشريفة أنواره. (٣) "

وقال عنه الحافظ الذهبي:- "كان حسن الطريقة، كثير المعروف، فيه دين وخير. (٤) "

والمقصود أن الخليفة القادر قد اجتمع فيه من خصال الخير ما لا يجتمع في أغلب الخلفاء، فهو من أهل العبادة والديانة، وأصحاب البر والصدقات، أوتي علماً وفقهاً، كما أقام العدل وأحسن إلى الرعية.

[المبحث الثاني: إظهاره الشروط العمرية]

لم أعثر - حسب اطلاعي - في شأن إظهار القادر الشروط العمرية إلا على معلومات يسيرة.

فقد ساق ابن الجوزي الواقعة التي تبدو سبباً في إلزام النصارى بالشروط العمرية، وخلاصة هذه الواقعة أن في سنة ٤٠٣هـ توفيت زوجة ابن أبي إسرائيل أحد رؤساء النصارى، فأُخرجت جنازتها، ومعها الطبول والصلبان والشموع، فأنكر ذلك بعض الهاشميين، فضربه بعض النصارى بدبوس في رأسه، فشجه، فثار المسلمون بهم، فانهزموا حتى لجأوا إلى كنيسة لهم هناك، فدخلت العامة إليها فنهبوا ما فيها، وما قرب منها من دور النصاري، قصدوا ابن أبي إسرائيل، فقاتلهم غلمانه، وانتشرت الفتنة ببغداد، وغلقت الجوامع، وقصد الناس الخليفة، فأمر بإحضار ابن أبي إسرائيل، فامتنع، فاشتدت الفتنة، ثم أحضر ابن أبي إسرائيل إلى دار الخلافة، فسكنت الفتنة، ثم أفرج عن ابن أبي إسرائيل. (٥)


(١) . أبو حامد أحمد بن محمد الهروي، حافظ، مفسر، فقيه، توفي سنة ٣٥٨هـ.
انظر: طبقات الشافعية ٣/٤٥، سير أعلام النبلاء ١٦/٢٧٣.
(٢) . انظر: تاريخ بغداد ٤/٣٨، والكامل ٩/٤١٤، والمنتظم ١٥/٢٢٠.
(٣) . ذيل كتاب تجارب الأمم للروذراوري ٣/٢٠٧، ٢٠٨.
(٤) . تاريخ الإسلام ٢٧/٧.
(٥) . انظر: المنتظم ١٥/٩١، ٩٢.

<<  <   >  >>